عليه بين أصحابك، فيؤخذ به من حكمهما، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه لا ريب فيه، وإنما الأمور ثلاثة: أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله تعالى ".
إلى أن قال قلت: فإن كان الخبران عنكم مشهورين، قد رواهما الثقات عنكم. قال: " ينظر... " الحديث (1)، فإن وجوب الأخذ بالخبر المجمع عليه بين الأصحاب، معللا بأن المجمع عليه لا ريب فيه إنما يتم فيما لو كان الخبر مشهورا بين الأصحاب، من حيث الفتوى على طبق مضمونه، وإلا فمجرد اشتهاره رواية، بأن نقله الأكثر في كتب حديثهم، ولو مع إطراحه، وعدم الفتوى على طبق مضمونه لا يوجب أن يكون مما لا ريب فيه، فيجب الأخذ به من هذه الجهة.
ويؤيده الاستشهاد بحديث التثليث، فإن مجرد الاشتهار، من حيث الرواية لا يوجب أن يكون الخبر من أفراد بين الرشد. نعم، ينافي ذلك قوله في الذيل:
" فإن كان الخبران عنكم مشهورين، قد رواهما الثقات عنكم " فإن الشهرة الفتوائية مما لا يعقل أن تكون في طرفي المسألة، مضافا إلى أن التعبير بقوله:
" قد رواهما الثقات عنكم " يؤيد أن النظر إنما هو في حيثية صحة الرواية، واشتهاره بين الثقات، وكذا ينافي ذلك التعبير عن الشهرة ب " المجمع عليه "، فإن ذلك يتم لو كان المراد بها هي الشهرة في الرواية الحاصلة بتدوين الكل، واتفاقهم على روايته، ولا ينافيه تدوين بعضهم للرواية الغير المشهورة أيضا، وأما لو كان المراد بها هي الشهرة في الفتوى فلا يتم هذا التعبير.