هو أصالة عدم الغلط والخطأ والاشتباه، والجاري في تعيين المراد الجدي هو أصالة التطابق بين الإرادتين، ولا إشكال في أنها أصل معتمد عند العقلاء، ولا فرق في حجية الظهورات عندهم بين صورتي حصول الظن الشخصي بالوفاق وعدمه، كما أنه لا فرق بين صورتي حصول الظن الشخصي بالخلاف وعدمه، ولابين من قصد إفهامه وغيره.
ومن هنا يظهر: ضعف ما حكي عن المحقق القمي من التفصيل بين من قصد إفهامه وغيره (1)، لأن دعواه ممنوعة صغرى وكبرى، لأن بناء العقلاء على العمل بالظواهر مطلقا إلا فيما إذا أحرز أن يكون بين المتكلم والمخاطب طريقة خاصة من المحاورة على خلاف المتعارف، فإنه لا يجوز الأخذ بظاهر كلامه لغير المخاطب.
هذا، مضافا إلى أن دعوى اختصاص الخطابات الصادرة عن الأئمة (عليهم السلام) بخصوص المخاطبين بتلك الخطابات، وأنهم هم المقصودون بالإفهام، ممنوعة جدا، ضرورة أن كلامهم لا يكون إلا مثل الكتب المؤلفة التي لا يكون المقصود منها إلا نفي بيان المعاني، من غير مدخلية لمخاطب خاص، كما هو واضح.
ثم إنه لا فرق أيضا في حجية الظواهر بين ظهور الكتاب وغيره. وما حكي من الأخباريين من عدم حجية ظواهر الكتاب ففساده أظهر من أن يخفى.
وقد استدلوا على ذلك بوجوه ضعيفة، منها: مسألة التحريف الذي قام الإجماع، بل الضرورة من الشيعة على خلافه، ويدل على بطلانه الأخبار الكثيرة، ويساعده الوجوه العقلية أيضا، ومنها غير ذلك مما ذكر مع جوابها في " الرسالة " و " الكفاية " (2)، فراجع.