ذلك الصراط، حيث قال: " إن الاحتياط ليس بحكم شرعي فلا يجوز العمل بمقتضاه، بل الواجب أن ما يعمل به هو ما ساق إليه الدليل ورجحه. وكلما ترجح عنده تعين عليه وعلى مقلده العمل به، والعمل بالاحتياط عمل بما لم يؤد إليه الدليل " غفلة عما فصلته تلك الأخبار التي ذكرناها وأجملته هذه الأخبار التي تلوناها، والدليل - كما رجح العمل بما ترجح في نظر الفقيه - رجح أيضا العمل بما فيه الاحتياط، وقوله -:
" إنه ليس بدليل شرعي " على اطلاقه - ممنوع كما عرفت مما تلوناه. نعم لو كان ذلك الاحتياط إنما نشأ من الوساوس الشيطانية والأوهام النفسانية كما يقع من بعض الناس المبتلين بالوسواس، فالظاهر من الأخبار تحريمه كما ورد عنه (صلى الله عليه وآله) من قوله: " إن الوضوء مد والغسل صاع، وسيأتي أقوام يستقلون ذلك، فأولئك على غير سنتي، والثابت على سنتي في حظيرة القدس (1) ولأنه مع اعتقاد شرعيته تشريع في الدين، والله يهدي من يشاء إلى صراطه المبين.
المقدمة الخامسة في حكم الجاهل بالأحكام وقد اختلف في ذلك كلام علمائنا الأعلام (أسكنهم الله تعالى أعلى درجة في دار السلام) فالمشهور بينهم عدم المعذورية إلا في أحكام يسيرة كحكمي الجهر والاخفات والقصر والاتمام، وفرعوا على ذلك بطلان عبادة الجاهل - وهو عندهم من لم يكن مجتهدا ولا مقلدا - وإن طابقت الواقع، حيث أوجبوا معرفة واجبها وندبها وايقاع كل منهما على وجهه. وأن تلك المعرفة لا بد أن تكون عن اجتهاد أو تقليد، فصلاة المكلف - بدون أحد الوجهين - باطلة عندهم وإن طابقت الواقع وطابق اعتقاده