من مخالفة القاعدة العقلية، كما عرفت.
والتحقيق أن يقال: أما شرائط التكليف: فلا يخفى أن الشرط فيه مقارن للتكليف، لأن شرطه ليس هي القدرة الواقعية في زمان الامتثال حتى يقال بأنه كيف يمكن أن يؤثر الأمر المتأخر المعدوم فعلا في الأمر الموجود كذلك، بل الشرط هو تشخيص كون المكلف قادرا في ظرف الامتثال والتشخيص مقارن لصدور التكليف كما هو واضح.
وأما شرائط الوضع والمكلف به: فالمؤثر ليس هو الأمر المتأخر في الوجود الخارجي حتى يلزم تأثير المعدوم في الموجود الممتنع بالبديهة، بل المؤثر هو الأمر المتقدم لا بوصف التقدم بل بنفسه المتقدم بالذات.
توضيح ذلك: أن من الواضح تقدم أجزاء الزمان بعضها على بعض بالذات بمعنى أن الزمان الماضي مثلا متقدم بالطبع على الزمان المستقبل ولو لم يكن عنوان التقدم والتأخر موجودا في البين أصلا، نعم اتصاف الزمان الماضي بوصف التقدم في مرتبة اتصاف الزمان المستقبل بعنوان التأخر المستلزم لوجوده، للقاعدة الفرعية المسلمة عند العقول بلا تقدم وتأخر بين الاتصافين أصلا، لأن المفروض كونهما متضايفين، ومن شأنهما تحقق الطرفين معا من دون ترتب بينهما.
ونظير الزمان الزمانيات الواقعة في أجزاء الزمان، فإن قيام زيد المتحقق في الأمس متقدم ذاتا لكن بعرض وتبع الزمان على مجئ عمرو الذي سيوجد غدا وإن كان اتصافه بعنوان المتقدم لا يصح إلا مقارنا لاتصاف مجئ عمرو بعنوان المتأخر، ومن المعلوم توقفه على تحققه، لتلك القاعدة.
وبالجملة: فلا منافاة بين كون شئ متقدما على شئ آخر بالذات ومع ذلك فلا يصدق عليه عنوان المتقدم، لكونه من الأمور الإضافية المتوقفة على تحقق الطرفين، وهذا كالعلة والمعلول، فإنه لا إشكال في تقدمها عليه، لكونه