تكون في الرتبة المتأخرة بحيث تنتزع من نفس الأمر بلحاظ تعلقه بعدة أمور، فيكون تعلقه بها منشأ لانتزاع الوحدة لها الملازمة لاتصافها بعنواني الكل والأجزاء.
ثم ذكر بعد ذلك أن الوحدة بالمعنى الثاني لا يعقل أن تكون سببا لترشح الوجوب من الكل إلى الأجزاء بملاك المقدمية، لأن الجزئية والكلية الملزومة لهذه الوحدة ناشئة من الأمر على الفرض، فتكون المقدمية في رتبة متأخرة عن تعلق الأمر بالكل، ومعه لا يعقل ترشحه على الأجزاء، لأن الأمر الغيري إنما يتعلق بما يكون مقدمة مع الغض عن تحقق الأمر، ولا يمكن تعلقه بما لا يكون مقدمة في رتبة سابقة على الأمر، فالنزاع في تعلق الوجوب الغيري ينحصر بالقسم الأول (1). انتهى.
ولا يخفى أن في كلامه (قدس سره) خلطا من وجهين:
الأول: أن جعل أشياء متعددة متعلقة لأمر واحد لا يمكن إلا بعد كون المصلحة قائمة بهيئته الاجتماعية، وإلا فمع كون كل واحد منها ذا مصلحة مستقلة موجبة لتعلق إرادة مستقلة بها لا يمكن اجتماعها في متعلق أمر واحد.
وبالجملة فتعلق الأمر بالأشياء المتعددة متوقف على تصورها بالنحو الذي يترتب المصلحة عليها، وذلك النحو ليس إلا اجتماع كل مع الآخر، فالاجتماع ملحوظ لا محالة قبل تعلق الأمر، إذ المصلحة المنظورة إنما يترتب عليها مع هذا الوصف، ولا نعني بالوحدة إلا لحاظ الأشياء المتغائرة مجتمعة كل واحد منها مع الآخر لا مفهوم الوحدة كما لا يخفى، فلا فرق بين القسمين في أن الوحدة في كليهما ملحوظة قبل تعلق الأمر أصلا.