صادرا عنها وناشئا ومترشحا منها، ومع ذلك فاتصافها بوصف التقدم في مرتبة اتصافه بوصف التأخر من دون تقدم وتأخر بينهما أصلا، كما هو واضح لا يخفى.
ونظير المتقابلين فإنهم وإن جعلوا التقابل مقسما للمتناقضين والمتضادين والمتضايفين وغيرها (1) إلا أن عنوان المقسم - وهو التقابل - من أفراد أحد الأقسام، وهو التضايف، فإن المقابلة والتقابل من الأمور الإضافية المتوقفة على تحقق أطراف الإضافة، وهكذا عنوان التضاد، فإنه وإن جعل قسيما للتضايف إلا أن هذا العنوان من أفراد قسيمه، أي التضايف، فالتضاد بين الشيئين القسيم له إنما هو عبارة عن امتناع اجتماعهما بالذات، كما أن التقابل المجعول مقسما إنما هو حقيقته مع قطع النظر عن الاتصاف بهذا الوصف.
إذا عرفت ما ذكرنا: فاعلم أن الموضوع للحكم بالصحة في العقد الفضولي إنما هو العقد المتقدم بحسب الذات على الإجازة من المالك، وهذا إما أن يكون متحققا بحسب الواقع ونفس الأمر حين العقد فيما كان ملحوقا بالإجازة، وإما أن لا يكون كذلك، وهو في غير صورة الإجازة، فالعقد الواقع إما أن يكون صحيحا مترتبا عليه الأثر من حين وقوعه، وهو فيما إذا وجد مع شرطه، وإما أن لا يكون كذلك، وهو فيما إذا فقد شرطه، لعدم تحقق الإجازة فيما بعد.
وهكذا يقال في صوم المستحاضة، فإن صحته متوقفة على تقدمه بحسب الذات ولو عرضا تبعا للزمان على الأغسال الليلية فإما أن يكون الموقوف عليه موجودا حينه، فيصح من حين وقوعه، وإما أن لا يكون، فيبطل كذلك، ففي جميع الموارد يكون الشرط مقارنا، فيرتفع الإشكال بمخالفتها للقاعدة العقلية، كما عرفت.