وبالجملة فهاهنا عنوانان:
أحدهما: عنوان النكاح.
ثانيهما: عنوان مخالفة السيد.
ومن المعلوم أن ما حرمه الله تعالى على العبد إنما هو العنوان الثاني لا الأول، فالنكاح ليس معصية لله تعالى أصلا وإن كان من حيث إنه يوجب تحقق عنوان المخالفة معصية للسيد، المستلزمة لمعصية الله، ولا يعقل سراية النهي عن عنوان متعلقه إلى عنوان النكاح أصلا، كما حققناه في مبحث اجتماع الأمر والنهي بما لا مزيد عليه.
ونظير ذلك ما إذا تعلق النذر بإيجاد بعض النوافل مثلا، فإن تعلق النذر به لا يوجب سراية الوجوب إليه حتى يخرج عن النفلية، بل متعلق الوجوب إنما هو عنوان الوفاء بالنذر، ومتعلق الأمر الاستحبابي إنما هو الصلاة النافلة.
ويؤيد بل يدل على ما ذكرنا في معنى الرواية: بعض الروايات الأخر:
مثل ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن رجل تزوج عبده امرأة بغير إذنه فدخل بها ثم اطلع على ذلك مولاه.
فقال: " ذاك لمولاه إن شاء فرق بينهما، وإن شاء أجاز نكاحهما " إلى أن قال:
فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): فإن أصل النكاح كان عاصيا.
فقال أبو جعفر (عليه السلام): " إنما أتى شيئا حلالا وليس بعاص لله، إنما عصى سيده ولم يعص الله، إن ذلك ليس كإتيان ما حرم الله عليه من نكاح في عدة وأشباهه " (1).