التي بالقياس عليها تتصف بالتمامية، وهكذا الاختلاف بين الفقيه والمتكلم في تفسير صحة العبادة إنما يكون لأجل الاختلاف فيما هو المهم لكل منهما من الأثر بعد الاتفاق على أنها بمعنى التمامية، كما هي معناها لغة وعرفا (1).
أقول: من الواضح أن الصحة والفساد لا يساوقان التمامية والنقص بحسب اللغة والعرف، لما نرى بالوجدان من اختلاف موارد استعمالهما، فلا يقال على الإنسان الفاقد للبصر مثلا: إنه فاسد، ولا على الفاكهة التي طرأ عليها بعض العوارض فأخرجها عما يقتضيه بحسب نوعها: إنها ناقصة، ولا على البيت الخالية من السقف أو الجدار مثلا: إنه فاسد، بل يقال: ناقص، ولا على المعجون المشتمل على جميع أجزائه الغير المترتب عليه الأثر المقصود منه، لطرو بعض العوارض عليه: إنه ناقص، بل يقال له: إنه فاسد.
وبالجملة، فاختلاف موارد استعمالهما مما لا ينبغي الارتياب فيه.
والحق الذي يطابقه الوجدان: أن معنى التمامية يرجع إلى اشتمال الشئ المركب على جميع ما اعتبر فيه من الأجزاء والشرائط، والنقص عبارة عن فقدانه لبعض تلك الأجزاء أو الشرائط، والتقابل بينهما تقابل العدم والملكة.
وأما الصحة فهي عبارة عن كون الشئ في وجوده الخارجي مطابقا لما يقتضيه طبعه الأولي بحسب نوعه والفساد عبارة عن خروجه عن مقتضى طبعه الأولي لطرو بعض الأسباب الموجبة لذلك، وهو كالصحة أمر وجودي، والتقابل بينهما تقابل الضدين.
نعم، لا ننكر أن الصحة قد استعملت في العبادات والمعاملات بمعنى التمامية، إذ العبادة الصحيحة مثلا هو ما كان جامعا لجميع الأجزاء والشرائط