الثالثة: الآثار المترتبة عليها المرغوبة منها، كجواز التصرف بالأكل والشرب واللبس مثلا، ومن المعلوم أن غرض العقلاء هو الأمر الأخير، أي ترتيب الآثار المطلوبة، فالشارع من حيث إنه مقنن للقوانين التي بها ينتظم أمور الناس من حيث المعاش والمعاد، فإذا نهى عن معاملة، فالظاهر أنه لا يترتب عليها الآثار المترقبة منها، بمعنى أن النهي إرشاد إلى فساد تلك المعاملة، كما هو الظاهر بنظر العرف.
الجهة الثانية: في الملازمة بين الحرمة والفساد في المعاملات، بمعنى أنه لو أحرز كون النهي للتحريم، فهل يلازم ذلك فساد المعاملة أو لا؟
فنقول: إن النواهي الواردة في المعاملات على أنحاء:
أحدها: أن يكون النهي متعلقا بنفس ألفاظها من حيث إنها فعل اختياري مباشري، فيصير التلفظ بها من المحرمات، كشرب الخمر، ولا ريب في عدم الملازمة بين حرمة التلفظ وفساد المعاملة أصلا، فإن المعصية لا تنافي ترتيب الأثر.
ألا ترى أن إتلاف مال الغير حرام بلا إشكال، ومع ذلك يؤثر في الضمان.
ثانيها: أن يكون مدلول النهي هو إيجاد السبب من حيث إنه يوجب وجود المسبب. وبعبارة أخرى: يكون المبغوض هو ما يتحصل من المعاملة، وتؤثر تلك الألفاظ في وجودها، كما في النهي عن بيع المسلم للكافر، فإن المبغوض فيه هو سلطنة الكافر على المسلم، وفي هذا النحو يمكن أن يقال بعدم ثبوت الملازمة بين الحرمة والفساد، إذ لا مانع من صحة البيع، إلا أنه ذكر في تقريرات الشيخ (قدس سره) أن ذلك إنما يستقيم فيما إذا قلنا بأن الأسباب الناقلة إنما هي مؤثرات عقلية قد اطلع عليها الشارع، وبينها لنا من دون تصرف زائد، وأما على القول بأن هذه أسباب شرعية إنما وضعها الشارع وجعلها مؤثرة في الآثار المطلوبة عنها،