وأما الواحد المردد: فقد عرفت في مبحث الوجوب التخييري أنه لا يعقل تعلق البعث بالشئ المردد، ومن المعلوم أنه لا فرق بين المبعوث والمبعوث إليه من هذه الجهة، إذ كما أن البعث له إضافة إلى المبعوث إليه كذلك له إضافة إلى المبعوث الذي هو المكلف.
وما عن بعض الأعاظم من ثبوت الفرق بينهما (1) لا نعرف له وجها أصلا، كما لا يخفى.
وأما تعلقه بكل واحد من المكلفين: فقد يقال - كما عن بعض أعاظم المعاصرين - بأنه هي كيفية تعلق الوجوب في الواجب الكفائي، والفرق بينه وبين الواجب العيني حينئذ مع اشتراكه معه في ذلك إنما هو في الإطلاق والتقييد، بمعنى أن متعلق الطلب في العيني إنما هي الطبيعة المتقيدة بقيد المباشرة، بخلاف متعلقه في الواجب الكفائي فإنه هي الطبيعة المطلقة المعراة عن قيد المباشرة.
قال: والدليل على ذلك أنه لو شك في الواجب أنه عيني أو كفائي، يبنى على الثاني، وليس ذلك إلا لكون المطلوب فيه مطلقا بخلاف الأول (2).
وفي تقريرات المحقق النائيني أن التحقيق في تصوير الواجب الكفائي أنه عبارة عما كان الغرض منه مترتبا على صدور الفعل من صرف وجود المكلف، بخلاف العيني الذي لا يحصل الغرض إلا بصدوره من مطلق وجود المكلف الساري في الجميع (3). انتهى.