الخامس: التفصيل بين الضد الموجود والمعدوم، والالتزام بمقدمية عدم الأول لوجود الضد الاخر وعدم مقدمية عدم الثاني لوجوده - وبعبارة أخرى فرقوا بين الرفع والدفع والتزموا بمقدمية العدم في الأول دون الثاني، وهو الذي اختاره المحقق الخوانساري ونسب إلى الشيخ الأعظم (ره).
اما القول الأول: فهو دور واضح كما سيمر عليك، ولازمه مقدمية الشئ لنفسه، و تقدمه على نفسه وفساده من الوضوح بمكان.
واما القول الثاني: فقد استدلوا له: بأنه لا ريب في أن العلة باجزائها مقدمة على العلة والعلة مركبة من اجزاء ثلاثة، المقتضى، وهو الذي يترشح منه المقتضى والمعلول كالنار بالإضافة إلى الاحراق - والشرط، وهو الذي يصحح فاعلية المقتضى كالمماسة - وعدم المنافى، وهو الذي له دخل في فعلية تأثير المقتضى كعدم الرطوبة، وحيث إن الضدين متمانعان فكل منهما مانع من الاخر، فعدمه من اجزاء علة الاخر ومقدمة له.
وأجيب عن هذا الوجه لمقدمية عدم أحد الضدين لوجود الاخر بوجوه:
الجواب الأول: ما افاده المحقق النائيني (ره) وهو مبتن على مقدمتين:
الأولى: ان عدم المعلول انما يكون بعدم علته، وهو تارة يكون بعدم المقتضى.
وأخرى، يكون بعدم الشرط. وثالثة يكون بوجود المانع، وحيث إن دخل كل منها يغاير الاخر: إذ المقتضى هو ما يترشح منه المعلول، والشرط هو ما يكون دخيلا في فعلية تأثير المقتضى اثره، وعدم المانع انما يكون دخله في المعلول من جهة مزاحمة وجوده تأثير المقتضى، فاستناد العدم أي عدم المعلول إلى المانع، انما يكون في ظرف تحقق المقتضى والشرائط، إذ مع فرض عدم المقتضى لا يستند عدم المعلول إلى وجود المانع مثلا إذا لم تكن النار موجودة في العالم، أو كانت موجودة ولم تكن مماسة للثوب، فهل يتوهم أحد صحة ان يقال ان الثوب لا يحترق فعلا لرطوبته، كما أن استناد العدم إلى عدم الشرط انما يكون في ظرف تحقق المقتضى مثلا في المثال: إذا لم تكن النار موجودة لا يستند عدم الاحتراق إلى عدم المماسة، فالمانع انما يتصف بالمانعية عند وجود المقتضى مع