انه يعتبر في التناقض أو التضاد وحدة الرتبة، ومع اختلافهما فلا تضاد ولا تناقض ولكنه فاسد إذ المضادة والمناقضة والممانعة من صفات الموجودات الخارجية لا المراتب العقلية. والتضاد بين السواد والبياض مثلا انما هو في ظرف الخارج والا فمع قطع النظر عن وجودهما في الخارج لا مضادة بينهما.
وعلى هذا فلا يتم ما افاده من أن المعاندة والمنافرة بين الضدين تقتضي استحالة اجتماعهما في رتبة واحدة فإذا استحال اجتماعهما فيها فلا محالة يكون عدم أحدهما في تلك المرتبة ضروريا والا لزم اما ارتفاع النقيضين أو اجتماعهما وكلاهما محالان:
والوجه فيه ما عرفت من أن المنافرة بين الضدين انما هي بلحاظ الوجود الخارجي فحسب، فإذا لا مانع من أن يكون عدم أحدهما متقدما على الاخر بالرتبة، ولا يلزم عليه المحذور المذكور، واما عدم تقدم أحد الضدين على الاخر فليس لأجل التضاد، بل من ناحية فقد ملاك التقدم أو التأخر، هذا ما يظهر لي من كلامه (قده).
وقد يقال ان مراده (قده) ان الضدين انما يكونان في مرتبة واحدة، لان كل واحد منهما بديل للاخر، ووجود كل من الضدين مع عدم نفسه أيضا في مرتبة واحدة لأنهما نقيضان وبديلان، فتكون النتيجة ان وجود أحد الضدين انما هو في مرتبة عدم الضد الآخر ولا تقدم ولا تأخر بينهما.
ولا يرد عليه ما توهم وروده عليه، من أن بين أحد العينين وما هو نقيض الاخر وان كان كمال الملائمة، الا ان ذلك لا يستلزم كون أحد المعنيين مع نقيض الاخر في مرتبة واحدة، فان كل علة مع معلولها بينهما كمال الملائمة، وهما يوجدان في زمان واحد، و مع ذلك يكون التقدم والتأخر بينهما ثابتين كما هو واضح.
ولكن يرد عليه ان قياس المساواة في الزمان تام - مثلا إذا كان قيام زيد في زمان قيام عمرو - وقيام عمر في زمان مجيئ بكر لا محالة يكون قيام زيد في زمان مجئ بكر، ولا يتم في السبق بالرتبة، ويمكن ان يكون شيئان في مرتبة واحدة ولم يكن بينهما تقدم وتأخر، ومع ذلك يكون أحدهما متقدما رتبة على شئ ثالث لوجود ملاك السبق فيه، ولا يكون الآخر متقدما عليه، لعدم وجود ملاكه فيه، مثلا وجود الشرط متقدم رتبة