للحكم على نحو العموم، ان كان عالما بوجود المصلحة في جميع الافراد فالتخصيص جزاف وعلى خلاف الحكمة، وان لم يكن عالما به بل كان يعتقد وجود المصلحة ثم ينكشف له عدم المصلحة فيلزم كونه جاهلا.
وثانيا: بالحل وهو ان الشارع الأقدس يعلم أنه لا مصلحة في جميع الافراد في موارد التخصيص وفى جميع الأزمنة في مورد النسخ ولكنه لمصلحة يجعل الحكم بنحو العموم، وفى جميع الأزمنة ليكون العام دليلا حيث لا قرينة على خلافه، فيكون الحكم بحسب الواقع مقيدا بذلك الزمان الخاص المعلوم عند الله المجهول عند الناس، و يكون ارتفاعه بانتهاء أمده وحلول اجله، ولكنه بحسب مقام الاثبات والبيان يكون ثابتا في جميع الأزمنة، ولعله إلى هذا نظر المحقق الخراساني حيث قال إن النسخ وان كان رفع الحكم الثابت اثباتا الا انه في الحقيقة رفع الحكم ثبوتا وانما اقتضت الحكمة اظهار دوام الحكم واستمراره، وعليه فما افاده تام.
ولكن ما فرعه على ذلك بقوله، وحيث عرفت ان النسخ بحسب الحقيقة يكون دفعا وان كان بحسب الظاهر رفعا فلا بأس به مطلقا ولو كان قبل حضور وقت العمل لعدم لزوم البداء المحال في حقه تبارك وتعالى بالمعنى المستلزم لتغير ارادته تعالى مع اتحاد الفعل ذاتا وجهة انتهى.
لا يتم فإنه وان كان لا يلزم المحذور المذكور، ولكنه يلزم لغوية جعل الحكم فإنه انما يصح الجعل فيما إذا أمكن داعويته ومع عدم امكانها يكون الحكم لغوا وصدوره من الحكيم محالا. نعم، يمكن ان يقال ان الاحكام على نوعين، أحدهما ما يراد منه البعث أو الزجر الحقيقي، ثانيهما ما لا يراد منه ذلك كالحكم الصادر لغرض الامتحان، والقسم الثاني يصح جعله ثم رفعه قبل حضور وقت العمل به، ولا يلزم من رفعه محذور، الا انه بعد رفعه يظهر انه لم يكن حكما بل كان صورة الحكم ولا مشاحة في تسمية ذلك أيضا نسخا.
ومن هذا القبيل لعله يكون امر إبراهيم بذبح إسماعيل، عليهما السلام. واما البداء فالكلام فيه ما حققناه في ذيل مسألة الجبر والاختيار، وقد مر.