بتزاحم الواجبين المضيقين.
الثاني: ان للواجبين الممتنع اجتماعهما في زمان واحد صورا، فان كانا موسعين كالصلاة اليومية، وصلاة الآيات في سعة وقتهما فلا شبهة في خروجها عن كبرى باب التزاحم. لان المكلف متمكن من الجمع بينهما في مقام الامتثال من دون مزاحمة فيكون الامر بكل منهما فعليا بلا تناف ولم يستشكل فيه أحد.
وان كانا مضيقين كما في الإزالة والصلاة في آخر وقتها بحيث لو اشتغل بالإزالة فاتته الصلاة، فلا كلام في كونها داخلة في كبرى باب التزاحم، وكونها محل النزاع في الترتب.
وان كان أحدهما موسعا والاخر مضيقا كما في صلاة الظهر في سعة وقتها، وإزالة النجاسة عن المسجد، ففي هذه الصورة اختلفت كلمات المحققين.
فعن المحقق النائيني (قده) دخولها في كبرى باب التزاحم، نظرا إلى أن تقييد الحكم بخصوص الفرد المزاحم ممتنع، فلا محاله يكون اطلاقه وشموله له محالا، لان التقابل بين الاطلاق والتقييد، تقابل العدم والملكة، فإذا امتنع أحدهما امتنع الاخر ويترتب على ذلك وقوع المزاحمة بين، اطلاق الواجب الموسع، وخطاب الواجب المضيق فلا يمكن الجمع بينهما إذ على تقدير فعلية خطاب المضيق يستحيل اطلاق الواجب الموسع بالإضافة إلى الفرد المزاحم، فلا بد من رفع اليد عن اطلاق الموسع والتحفظ على فعلية خطاب المضيق أو رفع اليد عن الخطاب المضيق والتحفظ على اطلاق الموسع، فتكون هذه الصورة داخلة في محل النزاع كالصورة الثانية، غاية الامر التزاحم في تلك الصورة بين الخطابين، وفى هذه الصورة بين اطلاق أحدهما وخطاب الاخر.
ولكن يتوجه عليه ما عرفت في مبحث التعبدي والتوصلي، من عدم تمامية ما افاده من أنه إذا امتنع التقييد امتنع الاطلاق فراجع ما حققناه، ونزيده وضوحا ان الاطلاق عبارة عن رفض القيود لا الجمع بينها، ودخالة كل قيد في الحكم، فمعنى اطلاق الواجب الموسع كون الواجب صرف وجود الطبيعة، وعدم دخل شئ من خصوصيات الافراد فيه، فالفرد المزاحم كغيره في عدم دخله في متعلق الوجوب، ونتيجة ذلك