النجاسات ينجس الماء القليل، ففي غير موارد القدر المتيقن لا سبيل إلى التمسك بهذه الرواية، أم يكون مفهومها موجبة كلية كما ذهب إليه جماعة آخرون منهم الشيخ الأعظم (ره) والمحقق النائيني، مدعيا الأول منهما بداهة ذلك، فتدل الرواية على تنجس الماء القليل بالملاقاة كل ما يصلح للتنجيس، من غير فرق بين أنواع النجاسات والمتنجسات، ومن غير فرق بين أحوال الافراد ككون النجاسة واردة أم مورودة ونحو ذلك، فيه وجهان:
وقبل بيان أدلة الطرفين لابد من تمهيد أمور:
1 - ان هذا النزاع لا يجرى فيما إذا كان الشرط منحلا إلى شروط عديدة حسب ما للحكم من الافراد، حيث إن ظاهر القضية حينئذ تعليق كل حكم من تلكم الاحكام المتعددة، على فرد من افراد الشرط، كقولنا: أكرم العلماء ان كانوا عدولا، فان ظاهره تعليق وجوب اكرام كل عالم على كونه عادلا، فإذا انتفى بعض تلك الشروط ينتفى بعض تلك الأحكام ، وإذا انتفى الشرط بالمرة ينتفى الحكم بالكلية، بل مورد الكلام ما إذا كان الشرط واحدا كما في الرواية الكريمة.
2 - ان المفهوم تابع للمنطوق في جميع القيود المعتبرة فيه، وانما التفاوت بينهما بالسلب والايجاب، فالموضوع والمحمول فيهما واحد، والفرق بينهما ان المنطوق، قضية موجبة أو سالبة، والمفهوم عكس ذلك أي يكون مفهوم الايجاب السلب ومفهوم السلب الايجاب.
3 - ان الفرق بين العام المجموعي والاستغراقي، انما هو في الواقع ونفس الامر فإنه يكون في الأول حكما واحدا ناشئا عن ملاك واحد له امتثال واحد وعصيان كذلك و غير مربوط بالآخرين، واما في مقام الاثبات فالانشاء واحد ويبرز حكما واحدا.
إذا تمهدت هذه الأمور فاعلم أنه استدل الشيخ (ره) لما ذهب إليه: بان العموم لوحظ مرآة وآلة لملاحظة الافراد فكأنه لم يذكر في القضية الا الاحكام الجزئية المتعلقة بالافراد، فيكون تعليق هذا الحكم المنحل إلى احكام جزئية عديدة على الشرط منحلا إلى