واما ما افاده المحقق الخراساني (ره) ردا على الحاجبي والعضدي بان المفهوم هو حكم غير مذكور لا حكم لغير مذكور.
فيرده ان المراد بالحكم ان كان هو الحكم الشخصي فهو كما أنه غير مذكور من غير فرق بين مفهوم الموافقة والمخالفة، فان حرمة الشتم المفهومة من قوله تعالى (لا تقل لهما أف) غير مذكورة، وعدم وجوب الاكرام عند عدم المجئ المستفاد من قولنا ان جاء زيد فأكرمه غير مذكور، كذلك هما حكمان لغير المذكور إذ الشتم في الأول والاكرام المقيد بعدم المجئ غير مذكورين، وان كان المراد به سنخ الحكم فيلزم خروج مفهوم الموافقة من هذا التعريف، فان سنخ الحكم المفهومي، وهو حرمة الشتم مذكور، فالأظهر هو صحة تعريفه بكل منهما مع إرادة الحكم الشخصي.
ثم إن الظاهر، كون لزوم المفهوم للمنطوق من اللزوم البين بالمعنى الأخص، ضرورة انه ينتقل الذهن إلى الانتفاء عند الانتفاء من العلية المنحصرة المستفاد من اللفظ بلا حاجة إلى تصور أي شئ آخر.
الثانية: قال في محكى التقريرات الظاهر من موارد اطلاق اللفظين (أي المنطوق والمفهوم) في كلمات أرباب الاصطلاح انهما وصفان منتزعان من المدلول، إلى أن قال، خلافا لظاهر العضدي تبعا للحاجبي والمحكي عن الشهيد حيث جعلوهما من الأوصاف الطارية للدلالة ولا وجه لذلك، قال المحقق الخراساني وان كان بصفات المدلول أشبه وتوصيف الدلالة أحيانا كان من باب التوصيف بحال المتعلق انتهى.
أقول الظاهر أنهما ليسا من صفات الدلالة: إذ هي تتصف بالصراحة والظهور ونحوهما، ولا تتصف بالمنطوق والمفهوم، ولا من صفات المدلول: فإنه يتصف بالكلي والجزئي وأمثالهما، بل الظاهر أنهما من صفات الدال إذ الدال على المعنى ان كان لفظا كما في دلالة اللفظ على معناه المطابقي، فهو منطوق، وان كان هو المعنى المستتبع الموجب لانتقال الذهن إلى معنى آخر، فهو مفهوم، فتوصيف المدلول بهما انما يكون توصيفا بحال المتعلق باعتبار ان الدال ربما يكون منطوقا وربما يكون مفهوما.
الثالثة: الظاهر أن مسألة المفهوم من المسائل الأصولية اللفظية لا من المسائل