وبما ذكرناه يظهر تمامية ما افاده صاحب الفصول، ردا على ما أورد على حد المفهوم.
بأنه منقوض بدلالة الامر بالشئ على الامر بمقدمته، وبدلالته على فساد الضد على القول به مع أن شيئا منهما لا يسمى مفهوما اصطلاحا.
بان المعتبر في المفهوم هو دلالة اللفظ، واقتضاء الامر لما ذكر من دلالة العقل.
ثم الظاهر أن دلالة الاقتضاء وهي، ما توقف صحة الكلام، أو صدقه عليه كما في قوله تعالى (فاسئلوا القرية) فإنه إذا لم يقدر الأهل لم يصح الكلام، وقوله (ص) رفع عن أمتي الخطاء والنسيان، ودلالة الإشارة وهي ما يلزم من الكلام وان لم يقصده المتكلم كدلالة الآيتين الكريمتين على أن أقل الحمل ستة أشهر، ودلالة الايماء وهي ما يستبعد معه عدم ارادته كدلالة قوله (ع) كفر عقيب قول السائل هلكت وأهلكت جامعت أهلي في نهار شهر رمضان على علية الجماع للتكفير، كل ذلك لا تكون من الدلالة اللفظية و يكون اللزوم فيها من اللزوم غير البين، وعلى فرض كون بعضها من الدلالة اللفظية فهو ليس من المنطوق، وهو ما دل عليه الجملة التركيبية بالدلالة المطابقية، ولا من المفهوم وهو ما دلت عليه الجملة بالدلالة الالتزامية المتوقفة على كون اللزوم بينا، وغير محتاج إلى ضم مقدمة خارجية كما هو واضح.
فما يظهر من بعض من ادخال مثل دلالة الإشارة في المنطوق، غير تام، كما أنه ما يظهر من بعض من ادراجها في المفهوم فاسد، بل هي ليست بشئ منهما.
وقد ظهر مما ذكرناه ان المحقق النائيني (ره) قد خلط في المقام، بين اللزوم البين بالمعنى الأعم، واللزوم غير البين، ولذلك عد هذه الموارد من اللزوم البين بالمعنى الأعم، مع أنها من اللزوم غير البين.
وعلى الجملة، المنطوق هو المدلول المطابقي للجملة التركيبية، والمفهوم هو المدلول الالتزامي لها على معنى كونه لازما بينا بالمعنى الأعم أو الأخص له، ولعله إلى ذلك يرجع ما عن الحاجبي، بان يكون المراد من محل النطق المدلول المطابقي، ولا محله هو المدلول الالتزامي.