الثاني: انها من المسائل الكلامية، وقد ذكروا لذلك وجهين:
أحدهما: ما افاده المحقق النائيني (ره) من أنه يبحث فيها عن استحالة اجتماع الحكمين في مورد واحد وجوازه.
وفيه: ما عرفت من أنه ليس كل ما يبحث فيه عن الامكان والاستحالة، مسألة كلامية الا ترى انه يبحث في علم الحساب، عن انه، هل يمكن تقسيم الأعشار على المتعارف، أم لا؟ فهل يتوهم أحد كون هذه المسألة من المسائل الكلامية.
ثانيهما: انه يبحث في هذه المسألة عن انه، هل يجوز للمولى ويمكن له ان يأمر و ينهى عن الموجود الخارجي الذي ينطبق عليه عنوان مبغوض، وعنوان محبوب، أم لا يجوز؟
وفيه: ان كل مسألة يبحث فيها عن الامكان والاستحالة ليست من المسائل الكلامية، بل هي عبارة عن المسائل التي يبحث فيها عما يجوز للمولى ويمتنع عليه بما هو مولى كالظلم له تعالى، واما البحث عن امكان الشئ واستحالته في نفسه كإعادة المعدوم، وان عنوان البحث بأنه، هل يجوز للمولى ذلك، أم لا؟ فلا يوجب كون المسألة كلامية، والمقام من قبيل الثاني: إذ البحث انما هو عن الجواز والامتناع بالنسبة إلى الشئ نفسه كان الآمر والناهي، هو الله تعالى، أم غيره، فلو جاز جاز له ولغيره، كما أنه لو امتنع امتنع لهما.
الثالث: انها من المبادي الأحكامية، بناءا على ثبوتها وعدم كونها من المبادئ التصديقية، وهي ما يبحث فيها عن حال الاحكام بما هي من كونها مجعولة استقلالية، أو انتزاعية ومن حيث اشتراطها بشروط عقلية، وعن ملازماتها، مثل البحث عن استلزام وجوب الشئ للنهي عن ضده.
وتقريب كونها منها ما افاده المحقق النائيني وهو انه يبحث فيها عن استلزام حرمة الشئ ووجوبه لعدم الاخر وعدم استلزامه له.
ولكن يرد عليه: ان البحث في المقام انما هو في لزوم اجتماع الحكمين في واحد و عدمه، ولا يبحث عن استلزام كل من الوجوب والحرمة لعدم الاخر.