النهى هو الزجر والمنع عن الفعل فهو غير تام.
اما الدعوى الأولى فهي تتضح ببيان امر، وهو انه ربما يكون مصلحة في الترك فيأمر المولى به ويصير الترك واجبا كالصوم، والايراد عليه بان الترك غير مقدور وخارج عن تحت القدرة فلا يصح تعلق الطلب به، يندفع بما في الكفاية من أنه بقاءا مقدور وذلك لا بمعنى تأثير القدرة في العدم، فان ذلك غير تام، إذ العدم ليس مستندا إلى القدرة واثرا لها لتحققه قبلها، لا يعقل تأثير القدرة التي هي امر وجودي في العدم لعدم السنخية بينهما، بل بمعنى انه لقدرة العبد على تبديل العدم بالوجود يصح التكليف بهما، و كيف كان لا يصح النهى عن الفعل في هذا المورد، بل الترك يصير من الواجبات.
ثم إن الصور المتصورة لتعلق الامر بالترك أربع.
الأولى: ان يتعلق الامر بصرف ترك الطبيعة.
الثانية: ان يتعلق الامر بجميع تروك افراد الطبيعة بان تكون المصلحة قائمة بكل واحد من التروك ويأمر المولى بترك الطبيعة ينحل ذلك إلى احكام عديدة، تعلق كل واحد منها بترك فرد من افراد الطبيعة.
الثالثة: ان يتعلق الامر بمجموع التروك بحيث لو لم يترك فردا لما امتثل أصلا.
الرابعة: ان يتعلق الامر بأمر بسيط حاصل من مجموع التروك.
ولكن الصورة الأولى غير معقولة: إذ ترك فرد من الطبيعة من الافراد العرضية والطولية متحقق لا محالة، لان المكلف لا يقدر على ايجاد جميع الافراد فالتكليف بترك فرد منها لغو وصدوره من الحكيم محال.
لا يقال انه على هذا لابد من الالتزام بعدم معقولية الصورتين الأخيرتين بل الثانية أيضا، إذ لو لم يكن المكلف قادرا على ايجاد جميع افراد الطبيعة لم يكن قادرا على ترك جميعها إذ القدرة على أحد النقيضين عين القدرة على الاخر، فكيف يتعلق الامر بجميع التروك أو مجموعها أو ما يحصل من المجموع.
فإنه يقال ان نقيض جميع التروك عبارة عن عدم الجميع ولو بفعل واحد فكما ان الفعل الواحد مقدور كذلك جميع التروك، وغير المقدور انما هو الجمع في الوجود،