بل اخبار عن نجاسته المسببة عن وقوع البول عليه، فبعد العلم بكذب البينة في إخبارها عن وقوع البول على الثوب، يعلم كذبها في الاخبار عن نجاسة الثوب لا محالة. وأما النجاسة بسبب آخر، فهي وان كانت محتملة، الا انها خارجة عن مفاد البينة رأسا وكذا في المقام الخبر الدال على الوجوب يدل على حصة من عدم الإباحة التي هي لازمة للوجوب لا على عدم الإباحة بقول مطلق. والخبر الدال على الحرمة يدل على عدم الإباحة اللازم للحرمة لا مطلق عدم الإباحة، فمع سقوطهما عن الحجية في مدلولهما المطابقي للمعارضة، يسقطان عن الحجية في المدلول الالتزامي أيضا، وكذا الحال في سائر الأمثلة التي ذكرناها، فان إخبار البينة عن كون الدار لعمرو إخبار عن حصة من عدم كونها لزيد اللازمة لكونها لعمرو. وكذا الاخبار بكونها لبكر، فبعد تساقطهما في المدلول المطابقي تسقطان في المدلول الالتزامي أيضا.
فتحصل مما حققناه في المقام أنه بعد تساقط المتعارضين لا مانع من الالتزام بحكم ثالث، سواء كان مدركه الأصل أو عموم الدليل. هذا كله على القول بالطريقية في حجية الامارات - كما هو الصحيح والمشهور - وأما على القول بالسببية والموضوعية فذكر شيخنا الأنصاري (ره) وتبعه بعض المتأخرين أنه عليه يدخل التعارض في باب التزاحم. فلابد من الاخذ بأحدهما تعيينا أو تخييرا.
(أقول): قد يقال بحجية الامارات من باب السببية (بمعنى المصلحة السلوكية) على ما التزم به بعض الامامية في مقام العجز عن جواب استدلال ابن قبة لحرمة العمل بالظن بلزوم تحليل الحرام وتحريم الحلال. وملخصه - على ما ذكره الشيخ (ره) في بحث حجية الظن - أن تطبيق العمل على الامارة ذو مصلحة يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع على تقدير مخالفتها للواقع. وحيث أن المصلحة السلوكية تابعة للسلوك على طبق الامارة، فهي تتفاوت بتفاوت مقدار السلوك قلة وكثرة، فإذا فرض قيامها على وجوب