نجاسة لا يعلم سبقها على الكرية وتأخرها، فإنهم حكموا بأن استصحاب عدم الكرية قبل الملاقاة الراجع إلى استصحاب عدم المانع عن الانفعال حين وجود المقتضي له، معارض باستصحاب عدم الملاقاة قبل الكرية.
ولا يخفى: أن الملاقاة معلومة، فإن كان اللازم في الحكم بالنجاسة إحراز وقوعها في زمان القلة - وإلا فالأصل عدم التأثير - لم يكن وجه لمعارضة الاستصحاب الثاني بالاستصحاب الأول، لأن أصالة عدم الكرية قبل الملاقاة (1) لا يثبت كون الملاقاة قبل الكرية وفي زمان القلة، حتى يثبت النجاسة، إلا من باب عدم انفكاك عدم الكرية حين الملاقاة عن وقوع الملاقاة حين القلة، نظير عدم انفكاك عدم الموت حين الإسلام لوقوع الموت بعد الإسلام، فافهم.
ومنها: ما في الشرائع والتحرير - تبعا للمحكي عن المبسوط -:
من أنه لو ادعى الجاني أن المجني عليه شرب سما فمات بالسم، وادعى الولي أنه مات بالسراية، فالاحتمالان فيه سواء.
وكذا الملفوف في الكساء إذا قده بنصفين، فادعى الولي أنه كان حيا، والجاني أنه كان ميتا، فالاحتمالان متساويان.
ثم حكي عن المبسوط التردد (2).
وفي الشرائع: رجح قول الجاني، لأن الأصل عدم الضمان، وفيه احتمال آخر ضعيف (3).