الطهارة بعد المذي، الشك في مقدار تأثير المؤثر - وهو الوضوء - وأن المتيقن تأثيره مع عدم المذي لا مع وجوده، أو أنا نعلم قطعا تأثير الوضوء في إحداث أمر مستمر لولا ما جعله الشارع رافعا. فعلى الأول، لا معنى لاستصحاب عدم جعل الشئ رافعا، لأن المتيقن تأثير السبب مع عدم ذلك الشئ، والأصل عدم التأثير مع وجوده، إلا أن يتمسك باستصحاب وجود المسبب، فهو نظير ما لو شك في بقاء تأثير الوضوء المبيح - كوضوء التقية بعد زوالها - لا من قبيل الشك في ناقضية المذي. وعلى الثاني، لا معنى لاستصحاب العدم، إذ لا شك في مقدار تأثير المؤثر حتى يؤخذ بالمتيقن.
وأما ثالثا: فلو سلم جريان استصحاب العدم حينئذ، لكن ليس استصحاب عدم جعل الشئ رافعا حاكما على هذا الاستصحاب، لأن الشك في أحدهما ليس مسببا عن الشك في الآخر، بل مرجع الشك فيهما إلى شئ واحد، وهو: أن المجعول في حق المكلف في هذه الحالة هو الحدث أو الطهارة. نعم، يستقيم ذلك فيما إذا كان الشك في الموضوع الخارجي - أعني وجود المزيل وعدمه - لأن الشك في كون المكلف حال الشك مجعولا في حقه الطهارة أو الحدث مسبب عن الشك في تحقق الرافع، إلا أن الاستصحاب مع هذا العلم الإجمالي بجعل أحد الأمرين في حق المكلف غير جار (1).