عليه وآله وسلم " احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن، فحشد من حشد، ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم فقرأ (قل هو الله أحد) ثم دخل، فقال بعضنا لبعض: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن، ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني قلت سأقرأ عليكم ثلث القرآن، ألا وإنها تعدل ثلث القرآن ". وأخرج أحمد والبخاري وغيرهما عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن " يعني (قل هو الله أحد). وأخرج أحمد والبخاري وغيرهما من حديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه " أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك؟ فقال: الله الواحد الصمد ثلث القرآن ". وأخرج مسلم وغيره من حديث أبي الدرداء نحوه. وقد روى نحو هذا بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة وحديث ابن مسعود، وحديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وروى نحو هذا عن غير هؤلاء بأسانيد بعضها حسن وبعضها ضعيف، ولو لم يرد في فضل هذه السورة إلا حديث عائشة عند البخاري ومسلم وغيرهما " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث رجلا في سرية، فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: سلوه لأي شئ يصنع ذلك؟ فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال: أخبروه أن الله تعالى يحبه " هذا لفظ البخاري في كتاب التوحيد. وأخرج البخاري أيضا في كتاب الصلاة من حديث أنس قال " كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، فكان كلما افتتح سورة فقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بقل هو الله أحد حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بالأخرى.
فإما أن تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى، قال: ما أنا بتاركها إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم فكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبروه الخبر، فقال: يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك وما حملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟
فقال: إني أحبها، قال: حبك إياها أدخلك الجنة " وقد روى بهذا اللفظ من غير وجه عند غير البخاري.
سورة الاخلاص (1 - 4) قوله (قل هو الله أحد) الضمير يجوز أن يكون عائدا إلى ما يفهم من السياق لما قدمنا من بيان سبب النزول، وأن المشركين قالوا: يا محمد انسب لنا ربك، فيكون مبتدأ، والله مبتدأ ثان، وأحد خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأول، ويجوز أن يكون الله بدلا من هو، والخبر أحد. ويجوز أن يكون الله خبرا أول، وأحد خبرا ثانيا، ويجوز أن يكون أحد خبرا لمبتدأ محذوف: أي هو أحد. ويجوز أن يكون هو ضمير شأن لأنه موضع تعظيم، والجملة بعده مفسرة له وخبر عنه، والأول أولى. قال الزجاج: هو كناية عن ذكر الله، والمعنى: إن سألتم تبيين نسبته هو الله أحد، قيل وهمزة أحد بدل من الواو وأصله واحد. وقال أبو البقاء: همزة أحد أصل بنفسها غير مقلوبة، وذكر أن أحد يفيد العموم دون واحد، ومما يفيد الفرق بينهما ما قاله الأزهري: أنه لا يوصف بالأحدية غير الله تعالى، لا يقال رجل أحد، ولا درهم أحد، كما يقال رجل واحد ودرهم واحد،