وسعيد بن منصور والبيهقي عنه قال: لو أخذت فضة من فضة الدنيا فضربتها حتى جعلتها مثل جناح الذباب لم ير الماء من ورائها، ولكن قوارير الجنة ببياض الفضة في صفاء القوارير. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا قال:
ليس في الجنة شئ إلا وقد أعطيتم في الدنيا شبهه إلا قوارير من فضة. وأخرج الفريابي عنه أيضا في قوله:
(قدروها تقديرا) قال: أتوا بها على قدر الفم لا يفضلون شيئا ولا يشتهون بعدها شيئا. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عنه أيضا (قدروها تقديرا) قال: قدرتها السقاة. وأخرج ابن المبارك وهناد وعبد بن حميد والبيهقي في البعث عن ابن عمرو قال: إن أدنى أهل الجنة منزلا من يسعى عليه ألف خادم كل خادم على عمل ليس عليه صاحبه، وتلا هذه الآية (إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا).
قوله (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا) أي فرقناه في الإنزال ولم ننزله جملة واحدة. وقيل المعنى: نزلناه عليك ولم تأت به من عندك كما يدعيه المشركون (فاصبر لحكم ربك) أي لقضائه، ومن حكمه وقضائه تأخير نصرك إلى أجل اقتضته حكمته. قيل وهذا منسوخ بآية السيف (ولا تطع منها آثما أو كفورا) أي لا تطع كل واحد من مرتكب لإثم وغال في كفر، فنهاه الله سبحانه عن ذلك. قال الزجاج: إن الألف هنا آكد من الواو وحدها لأنك إذا قلت: لا تطع زيدا وعمرا، فأطاع أحدهما كان غير عاص، لأنه أمره أن لا يطيع الاثنين، فإذا قال:
لا تطع منهم آثما أو كفورا دل ذلك على أن كل واحد منهما أهل أن يعصى، كما أنك إذا قلت: لا تخالف الحسن أو ابن سيرين، فقد قلت إنهما أهل أن يتبعا، وكل واحد منهما أهل أن يتبع. وقال الفراء: " أو " هنا بمنزلة لا، كأنه قال: ولا كفورا. وقيل المراد بقوله (آثما) عتبة بن ربيعة، وبقوله (أو كفورا) الوليد بن المغيرة، لأنهما قالا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ارجع عن هذا الأمر ونحن نرضيك بالمال والتزويج (واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا) أي دم على ذكره في جميع الأوقات. وقيل المعنى: صل لربك أول النهار وآخره، فأول النهار صلاة الصبح، وآخره صلاة العصر (ومن الليل فاسجد له) أي صل المغرب والعشاء. وقيل المراد الصلاة في بعضه من غير تعيين، ومن للتبعيض على كل تقدير (وسبحه ليلا طويلا) أي نزهه عما لا يليق به، فيكون المراد الذكر بالتسبيح سواء كان في الصلاة أو في غيرها. وقيل المراد التطوع في الليل. قال ابن زيد وغيره: إن هذه الآية منسوخة بالصلوات الخمس. وقيل الأمر الندب. وقيل هو مخصوص بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم (إن هؤلاء يحبون العاجلة) يعنى كفار مكة ومن هو موافق لهم. والمعنى: أنهم يحبون الدار العاجلة، وهي دار الدنيا