نظر إلى كذا بمعنى الانتظار، وإن قول القائل: نظرت إلى فلان ليس إلا رؤية عين، إذا أرادوا الانتظار قالوا:
نظرته كما في قول الشاعر:
فإنكما إن تنظراني ساعة * من الدهر تنفعني لدى أم جندب فإذا أرادوا نظر العين قالوا: نظرت إليه كما قال الشاعر:
نظرت إليها والنجوم كأنها * مصابيح رهبان تشب لفعال وقول الآخر: إني إليك لما وعدت لناظر * نظر الفقير إلى الغني الموسر أي أنظر إليك نظر دل كما ينظر الفقير إلى الغني، وأشعار العرب وكلماتهم في هذا كثيرة جدا. ووجوه مبتدأ، وجاز الابتداء به مع كونه نكرة لأن المقام مقام تفصيل، وناضرة صفة لوجوه، ويومئذ ظرف لناضرة، ولو لم يكن المقام مقام تفصيل لكان وصف النكرة بقوله " ناضرة " مسوغا للابتداء بها، ولكن مقام التفصيل بمجرده مسوغ للابتداء بالنكرة (ووجوه يومئذ باسرة) أي كالحة عابسة كئيبة. قال في الصحاح: بسر الرجل وجهه بسورا: أي كلح. قال السدي: باسرة: أي متغيرة، وقيل مصفرة، والمراد بالوجوه هنا وجوه الكفار (تظن أن يفعل بها فاقرة) الفاقرة: الداهية العظيمة، يقال فقرته الفاقرة: أي كسرت فقار ظهره. قال قتادة:
الفاقرة الشر، وقال السدي: الهلاك، وقال ابن زيد: دخول النار. وأصل الفاقرة: الوسم على أنف البعير بحديدة أو نار حتى تخلص إلى العظم، كذا قال الأصمعي، ومن هذا قولهم: قد عمل به الفاقرة. قال النابغة: أبا لي قبر لا يزال مقابلي * وضربة فأس فوق رأسي فاقره وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عباس عن قوله (لا أقسم بيوم القيامة) قال: يقسم ربك بما شاء من خلقه، قلت (ولا أقسم بالنفس اللوامة) قال النفس اللؤوم، قلت (أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه) قال: لو شاء لجعله خفا أو حافرا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه (اللوامة) قال: المذمومة. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عنه أيضا قال: التي تلوم على الخير والشر تقول: لو فعلت كذا وكذا. وأخرج ابن المنذر عنه أيضا قال: تندم على ما فات وتلوم عليه. وأخرج ابن جرير عنه أيضا (بل يريد الإنسان ليفجر أمامه) قال: يمضي قدما. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في الآية قال: هو الكافر الذي يكذب بالحساب. وأخرج ابن جرير عنه أيضا في الآية قال: يعني الأمل يقول: أعمل ثم أتوب. وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الأمل والبيهقي في الشعب عنه أيضا في الآية قال: يقدم الذنب ويؤخر التوبة. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عنه أيضا (بل يريد الإنسان ليفجر أمامه) يقول: سوف أتوب (يسأل أيان يوم القيامة) قال: يقول متى يوم القيامة، قال فبين له (إذا برق البصر). وأخرج ابن جرير عنه قال (إذا برق البصر) يعني الموت. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله (لا وزر) قال: لا حصن. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله (لا وزر) قال: لا حصن ولا ملجأ، وفي لفظ: لا حرز، وفي لفظ: لا جبل. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله (ينبؤ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر) قال: بما قدم من عمل، وأخر من سنة عمل بها من بعده من خير أو شر. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس نحوه.