الأرض على سواء. قال قتادة: قدر لهم إذ كفروا أن يغرقوا. وقرأ الجحدري " فالتقى الماآن " وقرأ الحسن " فالتقى الماوان " ورويت هذه القراءة عن علي بن أبي طالب ومحمد بن كعب (وحملناه على ذات ألواح ودسر) أي وحملنا نوحا على سفينة ذات ألواح، وهي الأخشاب العريضة - ودسر - قال الزجاج: هي المسامير التي تشد بها الألواح واحدها دسار، وكل شئ أدخل في شئ يشده فهو الدسر، وكذا قال قتادة ومحمد بن كعب وابن زيد وسعيد بن جبير وغيرهم. وقال الحسن وشهر بن حوشب وعكرمة: الدسر، ظهر السفينة التي يضربها الموج، سميت بذلك لأنها تدسر الماء: أي تدفعه، والدسر الدفع. وقال الليث: الدسار خيط تشد به ألواح السفينة. قال في الصحاح: الدسار واحد الدسر وهي خيوط تشد بها ألواح السفينة، ويقال هي المسامير (تجري بأعيننا) أي بمنظر ومرأى منا وحفظ لها كما في قوله - واصنع الفلك بأعيننا - وقيل بأمرنا، وقيل بوحينا، وقيل بالأعين النابعة من الأرض، وقيل بأعين أوليائنا من الملائكة الموكلين بحفظها (جزاء لمن كان كفر) قال الفراء: فعلنا به وبهم ما فعلنا من إنجائه وإغراقهم ثوابا لمن كفر به وجحد أمره وهو نوح عليه السلام، فإنه كان لهم نعمة كفروها فانتصاب جزاء على العلة، وقيل على المصدرية بفعل مقدر: أي جازيناهم جزاء. قرأ الجمهور " كفر " مبنيا للمفعول، والمراد به نوح. وقيل هو الله سبحانه، فإنهم كفروا به وجحدوا نعمته. وقرأ يزيد بن رومان وقتادة ومجاهد وحميد وعيسى كفر بفتح الكاف والفاء مبنيا للفاعل: أي جزاء وعقابا لمن كفر بالله (ولقد تركناها آية) أي السفينة تركها الله عبرة للمعتبرين، وقيل المعنى: ولقد تركنا هذه الفعلة التي فعلناها بهم عبرة وموعظة (فهل من مذكر) أصله مذتكر فأبدلت التاء دالا مهملة، ثم أبدلت المعجمة مهملة لتقاربهما وأدغمت الدال في الذال، والمعنى: هل من متعظ ومعتبر يتعظ بهذه الآية ويعتبر بها (فكيف كان عذابي ونذر) أي إنذاري. قال الفراء:
الإنذار والنذر مصدران، والاستفهام للتهويل والتعجيب: أي كانا على كيفية هائلة عجيبة لا يحيط بها الوصف، وقيل نذر جمع نذير، ونذير بمعنى الإنذار كنكير بمعنى الإنكار (ولقد يسرنا القرآن للذكر) أي سهلناه للحفظ، وأعنا عليه من أراد حفظه، وقيل هيأناه للتذكر والاتعاظ (فهل من مدكر) أي متعظ بمواعظه ومعتبر بعبره.
وفي الآية الحث على درس القرآن والاستكثار من تلاوته والمسارعة في تعلمه ومدكر أصله مذتكر كما تقدم قريبا.
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس " أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما ". وروى عنه من طريق أخرى عند مسلم والترمذي وغيرهم وقال: فنزلت (اقتربت الساعة وانشق القمر) وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود قال " انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اشهدوا ". وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عنه قال:
رأيت القمر منشقا شقتين مرتين: مرة بمكة قبل أن يخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم: شقة على أبي قبيس، وشقة على السويداء. وذكر أن هذا سبب نزول الآية. وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم عنه أيضا قال: رأيت القمر وقد انشق، وأبصرت الجبل بين فرجتي القمر. وله طرق عنه.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس قال: انشق القمر في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وله طرق عنه. وأخرج مسلم والترمذي وغيرهما عن ابن عمر في قوله (اقتربت الساعة وانشق القمر) قال: كان ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انشق فرقتين: فرقة من دون الجبل، وفرقة خلفه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، اللهم اشهد. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير والحاكم وصححه وابن