الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل ". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن خالد بن معدان في قوله (إلا ما شاء ربك) قال: إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله، أو عن أبي سعيد الخدري أو رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله (إلا ما شاء ربك) قال: هذه الآية قاضية على القرآن كله، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي عن أبي نضرة قال: ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية (إن ربك فعال لما يريد). وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ما دامت السماوات والأرض) قال: لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن نحوه أيضا. وأخرج البيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله (إلا ما شاء ربك) قال: فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار وأن يخلد هؤلاء في الجنة. وأخرج ابن جرير عنه في قوله (إلا ما شاء ربك) قال: استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ عن السدي في الآية قال: فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة - إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا - إلى آخر الآية، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله (وأما الذين سعدوا) الآية. قال: فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة - والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات - إلى قوله - ظلا ظليلا - فأوجب لهم خلود الأبد. وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال:
قال عمر: لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال " سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ (فأما الذين شقوا) الآية ". وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن إبراهيم قال " ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية (خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك) " قال: وقال ابن مسعود " ليأتين عليها زمان تخفق أبوابها ". وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال: " جهنم أسرع الدارين عمرانا وأسرعهما خرابا ". وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله (إلا ما شاء ربك) قال الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. وقد روى عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر وأبو هريرة وابن مسعود كابن عباس وعبد الله بن عمر وجابر وأبي سعيد من الصحابة، وعن أبي مجلز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهما من التابعين. وورد في ذلك حديث في معجم الطبراني الكبير عن أبي أمامة صدى بن عجلان الباهلي، وإسناده ضعيف. ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة، وفي السكوت عنه غني، فقال: ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار.
فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روى لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو: ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد، ثم قال: وأقول ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث انتهى.
وأقول: أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار، فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة، وكما صح عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر، فمالك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة. وأي مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف، وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم فلا