على موضع اسم أن، أو على الضمير في برئ، أو على أنه مبتدأ وخبره محذوف، والتقدير: ورسوله برئ منهم. وقرأ الحسن وغيره (ورسوله) بالنصب عطفا على لفظ اسم أن. وقرئ " ورسوله " بالجر على أن الواو للقسم، روى ذلك عن الحسن، وهي قراءة ضعيفة جدا، إذ لا معنى للقسم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ها هنا مع ما ثبت من النهي عن الحلف بغير الله، وقيل إنه مجرور على الجوار. قوله (فإن تبتم) أي من الكفر، وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب، قيل وفائدة هذا الالتفات زيادة التهديد، والضمير في قوله (فهو) راجع إلى التوبة المفهومة من تبتم (خير لكم) مما أنتم فيه من الكفر (وإن توليتم) أي أعرضتم عن التوبة وبقيتم على الكفر (فاعلموا أنكم غير معجزي الله) أي غير فائتين عليه، بل هو مدرككم فمجازيكم بأعمالكم. قوله (وبشر الذين كفروا بعذاب أليم) هذا تهكم بهم، وفيه من التهديد ما لا يخفى.
وقد أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين) إلى أهل العهد خزاعة ومدلج ومن كان له عهد قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من تبوك حين فرغ منها فأراد الحج، ثم قال: إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك، فأرسل أبا بكر وعليا فطافا في الناس بذي المجاز، وبأمكنتهم التي كانوا يبيعون بها، أو بالموسم كله، فآذنوا أصحاب العهد أن يأمنوا أربعة أشهر، وهي الأشهر الحرم المنسلخات المتواليات عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر تخلو من ربيع الآخر، ثم لا عهد لهم وآذن الناس كلهم بالقتال إلى أن يموتوا. وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند وأبو الشيخ وابن مردويه عن علي قال لما نزلت عشر آيات من براءة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعا أبا بكر ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني فقال لي أدرك أبا بكر، فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه فاقرأه على أهل مكة، فلحقته فأخذت الكتاب منه، ورجع أبو بكر وقال: يا رسول الله نزل في شئ. قال لا.
ولكن جبريل جاءني فقال: لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وأبو الشيخ وابن مردويه من حديث أنس نحوه. وأخرج ابن مردويه من حديث سعد بن أبي وقاص نحوه أيضا.
وأخرج أحمد والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة قال: كنت مع علي حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أهل مكة ببراءة، فكنا ننادي أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهد فإن أجله وأمده إلى أربعة أشهر فإذا مضت الأربعة أشهر فإن الله برئ من المشركين ورسوله، ولا يحج هذا البيت بعد العام مشرك. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى: أن لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، ثم أردف النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب فأمره أن يؤذن ببراءة فأذن علي في يوم النحر ببراءة: أن لا يحج بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. وأخرج الترمذي وحسنه وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث أبا بكر وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات، ثم أتبعه عليا وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات، فانطلقا فحجا، فقام علي في أيام التشريق فنادى: إن الله برئ من المشركين ورسوله فسيحوا في الأرض أربعة أشهر، ولا يحجن بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن، فكان علي ينادي، فإذا أعيا قام أبو بكر ينادي بها. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه وابن المنذر والنحاس والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن زيد بن تبيع قال: سألت عليا بأي شئ بعثت مع أبي بكر في