ذكره الزجاج، وقيل هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، قاله ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وابن عباس والشعبي والضحاك وسعيد بن جبير، وقيل هم العباس وحمزة وعلي وجعفر الطيار يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسوادها، حكى ذلك عن ابن عباس، وقيل هم عدول القيامة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم وهم في كل أمة، واختار هذا القول النحاس، وقيل هم أولاد الزنا، روى ذلك عن ابن عباس، وقيل هم ملائكة موكلون بهذا السور يميزون الكافرين من المؤمنين قبل إدخالهم الجنة والنار ذكره أبو مجلز، وجملة (يعرفون كلا بسيماهم) صفة لرجال. والسيما العلامة: أي يعرفون كلا من أهل الجنة والنار بعلاماتهم كبياض الوجوه وسوادها، أو مواضع الوضوء من المؤمنين، أو علامة يجعلها الله لكل فرق في ذلك الموقف يعرف رجال الأعراف بها السعداء من الأشقياء (ونادوا أصحاب الجنة) أي نادى رجال الأعراف أصحاب الجنة حين رأوهم (أن سلام عليكم) أي نادوهم بقولهم سلام عليكم تحية لهم وإكراما وتبشيرا، أو أخبروهم بسلامتهم من العذاب. قوله (لم يدخلوها وهو يطمعون) أي لم يدخل الجنة أصحاب الأعراف والحال أنهم يطمعون في دخولها، وقيل معنى (يطمعون) يعلمون أنهم يدخلونها وذلك معروف عند أهل اللغة: أي طمع بمعنى علم ذكره النحاس. وهذا القول أعني كونهم أهل الأعراف مروي عن جماعة منهم ابن عباس وابن مسعود. وقال أبو مجلز: هم أهل الجنة: أي أن أهل الأعراف قالوا لهم سلام عليكم حال كون أهل الجنة لم يدخلوها والحال أنهم يطمعون في دخولها. قوله (وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار) أي إذا صرفت أبصار أهل الأعراف تلقاء أصحاب النار: أي جهة أصحاب، وأصل معنى (تلقاء) جهة اللقاء، وهي جهة المقابلة ولم يأت مصدر على تفعال بكسر أوله غير مصدرين، أحدهما هذا، والآخر تبيان، وما عداهما بالفتح (قالوا) أي قال أهل الأعراف (ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين) سألوا الله أن لا يجعلهم منهم (ونادى أصحاب الأعراف رجالا) من الكفار (يعرفونهم بسيماهم) أي بعلاماتهم (قالوا) بدل من نادى (ما أغنى عنكم جمعكم) الذي كنتم تجمعون للصد عن سبيل الله، والاستفهام للتقريع والتوبيخ، قوله (وما كنتم تستكبرون) " ما " مصدرية: أي وما أغنى عنكم استكباركم (أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة) هذا من كلام أصحاب الأعراف: أي قالوا للكفار مشيرين إلى المسلمين الذين صاروا إلى الجنة هذه المقالة. وقد كان الكفار يقسمون في الدنيا عند رؤيتهم لضعفاء المسلمين بهذا القسم، وهذا تبكيت للكفار وتحسير لهم. قوله (ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون) هذا تمام كلام أصحاب الأعراف: أي قالوا للمسلمين ادخلوا الجنة، فقد انتفى عنكم الخوف والحزن بعد الدخول. وقرأ طلحة بن مصرف " أدخلوا " بكسر الخاء.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن بن عباس في قوله (أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا) قال: من النعيم والكرامة (فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا) قال: من الخزي والهوان والعذاب. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما وقف على قليب بدر تلا هذه الآية:
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله (وبينهما حجاب) قال: هو السور وهو الأعراف، وإنما سمى الأعراف لأن أصحابه يعرفون الناس. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن حذيفة قال:
الأعراف سور بين الجنة والنار. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس قال: الأعراف هو الشئ المشرف.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عنه قال: الأعراف سور له عرف كعرف الديك. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: الأعراف جبال بين الجنة والنار فهم على أعرافها،