كعب القرظي في قوله (انظروا إلى ثمره إذا أثمر) قال: رطبه وعنبه. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن البراء (وينعه) قال نضجه.
سورة الأنعام الآية (100 - 103) هذا الكلام يتضمن ذكر نوع آخر من جهالاتهم وضلالاتهم. قال النحاس: الجن المفعول الأول، وشركاء المفعول الثاني كقوله تعالى - وجعلكم ملوكا - وجعلت له مالا ممدودا - وأجاز الفراء: أن يكون الجن بدلا من شركاء ومفسرا له. وأجاز الكسائي رفع الجن بمعنى هم الجن، كأنه قيل من هم؟ فقيل الجن، وبالرفع قرأ يزيد بن أبي قطيب وأبو حيان، وقرئ بالجر على إضافة شركاء إلى الجن للبيان. والمعنى: أنهم جعلوا شركاء لله فعبدوهم كما عبدوه، وعظموهم كما عظموه. وقيل المراد بالجن هاهنا الملائكة لاجتنانهم: أي استتارهم، وهم الذين قالوا: الملائكة بنات الله، وقيل نزلت في الزنادقة الذين قالوا: إن الله تعالى وإبليس أخوان، فالله خالق الناس والدواب، وإبليس خالق الحيات والسباع والعقارب. وروى ذلك عن الكلبي، ويقرب من هذا قول المجوس، فإنهم قالوا: للعالم صانعان هما الرب سبحانه والشيطان. وهكذا القائلون: كل خير من النور، وكل شر من الظلمة، وهم المانوية. قوله (وخلقهم) جملة حالية بتقدير قد: أي وقد علموا أن الله خلقهم، أو خلق ما جعلوه شريكا لله. قوله (وخرقوا له بنين وبنات) قرأ نافع بالتشديد على التكثير، لأن المشركين ادعوا أن الملائكة بنات الله، والنصارى ادعو أن المسيح ابن الله، واليهود ادعوا أن عزيرا ابن الله، فكثر ذلك من كفرهم فشدد الفعل لمطابقة المعنى. وقرأ الباقون بالتخفيف. وقرئ (حرفوا) من التحريف أي زوروا. قال أهل اللغة: معنى خرقوا اختلقوا وافتعلوا وكذبوا، يقال اختلق الإفك واخترقه وخرقه، أو أصله من خرق الثوب:
إذا شقه: أي اشتقوا له بنين وبنات. قوله (بغير علم) متعلق بمحذوف هو حال: أي كائنين بغير علم، بل قالوا ذلك عن جهل خالص، ثم بعد حكاية هذا الضلال البين والبهت الفظيع من جعل الجن شركاء لله، وإثبات بنين وبنات له نزه الله نفسه، فقال (سبحانه وتعالى عما يصفون) وقد تقدم الكلام في معنى سبحانه. ومعنى " تعالى ": تباعد وارتفع عن قولهم الباطل الذي وصفوه به. قوله (بديع السماوات والأرض) أي مبدعهما، فيكف يجوز أن (يكون له ولد) وقد جاء البديع: بمعنى المبدع كالسميع بمعنى المسمع كثيرا، ومنه قول عمرو بن معدي كرب:
أمن ريحانة الداعي السميع * يؤرقني وأصحابي هجوع أي المسمع، وقيل هو من إضافة الصفة المشبهة إلى الفاعل، والأصل بديع سماواته وأرضه. وأجاز الكسائي خفضه على النعت لله. والظاهر أن رفعه على تقدير مبتدأ محذوف، أو على أنه مبتدأ وخبره (أنى يكون له ولد)