نزل: أي فنزل ما كانوا به يستهزءون، وأحاط بهم: وهو الحق حيث أهلكوا من أجل الاستهزاء به (قل سيروا في الأرض) أي قل يا محمد لهؤلاء المستهزئين سافروا في الأرض وانظروا آثار من كان قبلكم لتعرفوا ما حل بهم من العقوبات، وكيف كانت عاقبتهم بعد ما كانوا فيه من النعيم العظيم الذي يفوق ما أنتم فيه، فهذه ديارهم خاربة وجناتهم مغبرة وأراضيهم مكفهرة، فإذا كانت عاقبتهم هذه العاقبة فأنتم بهم لاحقون وبعد هلاكهم هالكون.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله (وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين) يقول:
ما يأتيهم من شئ من كتاب الله إلا أعرضوا عنه، وفى قوله (فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءون) يقول: سيأتيهم يوم القيامة أنباء ما استهزءوا به من كتاب الله عز وجل. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله (من قرن) قال: أمة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله (مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم) يقول: أعطيناهم ما لم نعطكم.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله (وأرسلنا السماء عليهم مدرارا) يقول:
يتبع بعضها بعضا. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن هارون التيمي في الآية قال: المطر في إبانه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله (ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم) يقول: لو أنزلنا من السماء صحفا فيها كتاب (فلمسوه بأيديهم) لزادهم ذلك تكذيبا. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (فلمسوه بأيديهم) قال: فمسوه ونظروا إليه لم يصدقوا به. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قومه إلى الإسلام وكلمهم فأبلغ إليهم فيما بلغني. فقال له زمعة بن الأسود بن المطلب والنضر بن الحارث بن كلدة وعبدة بن عبد يغوث وأبي بن خلف بن وهب والعاص بن وائل بن هشام: لو جعل معك يا محمد ملك يحدث عنك الناس ويرى معك، فأنزل الله (وقالوا لولا أنزل عليه ملك) الآية. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (وقالوا لولا أنزل عليه ملك) قال:
ملك في صورة رجل (ولو أنزلنا ملكا لقضى الأمر) لقامت الساعة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله (لقضي الأمر) يقول: لو أنزل الله ملكا ثم لم يؤمنوا لعجل لهم العذاب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله (ولو أنزلنا ملكا) قال: ولو أتاهم ملك في صورته (لقضي الأمر) لأهلكناهم (ثم لا ينظرون) لا يؤخرون (ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا) يقول: لو أتاهم ملك ما أتاهم إلا في صورة رجل، لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة (وللبسنا عليهم ما يلبسون) يقول: لخلطنا عليهم ما يخلطون. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله (ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا) قال: في صورة رجل في خلق رجل. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله (ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا) يقول: في صورة آدمي. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد نحوه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس (وللبسنا عليهم) يقول: شبهنا عليهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي. في الآية قال: شبهنا عليهم ما يشبهون على أنفسهم.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما بلغني بالوليد بن المغيرة وأمية بن خلف وأبي جهل بن هشام فهمزوه واستهزءوا به فغاظه ذلك. فأنزل الله (ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون).