أبيك. والثالثة: أختك لأبيك دون أمك، وهي التي أرضعتها زوجة أبيك بلبن أبيك، وأم الرضاعة، وأخت الرضاعة، لولا الرضاعة لم تحرما، فإن الرضاعة سبب تحريمهما، وكل من تحرم بالنسب من اللاتي مضى ذكرهن، تحرم أمثالهن بالرضاع، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله حرم من الرضاعة ما حرم من النسب " فثبت بهذا الخبر أن السبع من المحرمات بالنسب على التفصيل الذي ذكره، محرمات بالرضاع.
والكلام في الرضاع يشتمل على ثلاثة فصول أحدها: مدة الرضاع، وقد اختلف فيها، فقال أكثر أهل العلم: لا يحرم إلا ما كان في مدة الحولين، وهو مذهب أصحابنا، وبه قال الشافعي، وأبو يوسف، ومحمد، وقال أبو حنيفة: مدة الرضاع حولان ونصف، وقال مالك: حولان وشهر. واتفقوا على أن رضاع الكبير لا يحرم وثانيها: قدر الرضاع: وقد اختلف فيه أيضا، فقال أبو حنيفة: إن قليله وكثيره يحرم، وروى ذلك عن ابن عمر، وابن عباس، وهو مذهب مالك، والأوزاعي، وقال الشافعي: إنما يحرم خمس رضعات، وبه قالت عائشة، وسعيد بن جبير. وقال أصحابنا: لا يحرم إلا ما أنبت اللحم، وشد العظم، وإنما يعتبر ذلك برضاع يوم وليلة، لا يفصل بينه برضاع امرأة أخرى، أو بخمس عشرة رضعة متواليات، لا يفصل بينها برضاع امرأة أخرى. وقال بعض أصحابنا: المحرم عشر رضعات متواليات. وثالثها: كيفية الرضاع فعند أصحابنا لا يحرم إلا ما وصل إلى الجوف من الثدي في المجرى المعتاد الذي هو الفم، فأما ما يوجر، أو يسعط، أو يحقن به، فلا يحرم بحال، ولبن الميتة لا حرمة له في التحريم، وفي جميع ذلك خلاف.
وقوله (وأمهات نسائكم): أي حرم عليكم نكاحهن، وهذا يتضمن تحريم نكاح أمهات الزوجات، وجداتهن، قربن أو بعدن، من أي وجه كن، سواء كن من النسب، أو من الرضاع، وهن يحرمن بنفس العقد على البنت، سواء دخل بالبنت، أو لم يدخل، لان الله تعالى أطلق التحريم، ولم يقيده بالدخول.: (وربائبكم):
يعني بنات نسائكم من غيركم، (اللاتي في حجوركم)، وهو جمع حجر الانسان:
والمعنى في ضمانكم وتربيتكم، ويقال: فلان في حجر فلان: أي في تربيته، ولا خلاف بين العلماء أن كونهن في حجره ليس بشرط في التحريم، وإنما ذكر ذلك، لان الغالب أنها تكون كذلك، وهذا يقتضي تحريم بنت المرأة من غير زوجها على