بسم الله الرحمن الرحيم * يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا [1] القراءة: قرأ أهل الكوفة (تسألون) بتخفيف السين، والباقون بتشديدها، وقرأ حمزة (والأرحام) بالجر، والباقون بالنصب، وقرئ في الشواذ (والأرحام) بالرفع.
الحجة: من خفف تسألون أراد تتساءلون، فحذف التاء من تتفاعلون لاجتماع حروف متقاربة، ومن شدد فقال تسألون فإنه أدغم التاء في السين، وحسن ذلك لاجتماعهما في أنهما من حروف طرف اللسان، وأصول الثنايا، واجتماعهما في الهمس، فخفف هنا بالادغام كما خفف هناك بالحذف.
قال أبو علي: من نصب (الأرحام) احتمل انتصابه وجهين: أحدهما: أن يكون معطوفا على موضع الجار والمجرور. والاخر: أن يكون معطوفا على (اتقوا) وتقديره: واتقوا الله، واتقوا الأرحام، فصلوها ولا تقطعوها. وأما من جر فإنه عطف على الضمير المجرور بالباء، وهذا ضعيف في القياس، وقليل في الاستعمال، وما كان كذلك فترك الأخذ به أحسن، وإنما ضعف في القياس، لان الضمير قد صار عوضا مما كان متصلا بالاسم من التنوين، فقبح أن يعطف عليه، كما لا يعطف الظاهر على التنوين، ويدلك على أنه أجري عندهم مجرى التنوين، حذفهم الياء من المنادى المضاف إليها، كحذفهم التنوين، وذلك قولهم يا غلام وهو الأكثر من غيره، ووجه الشبه بينهما أنه على حرف، كما أن التنوين كذلك، واجتماعهما في السكون، ولأنه لا يوقف على الاسم منفصلا منه، كما أن التنوين، كذلك، " والمضمر أذهب في مشابهة التنوين من المظهر، لأنه قد يفصل بين المضاف والمضاف إليه إذا كان ظاهرا بالظروف وبغيرها نحو قول الشاعر:
كأن أصوات من إيغالهن بنا * أواخر الميس أصوات الفراريج (1)