العزة لله جميعا) يريد سبحانه: إنهم لو آمنوا مخلصين له، وطلبوا الاعتزاز بالله تعالى، وبدينه، ورسوله، والمؤمنين، لكان أولى بهم من الاعتزاز بالمشركين، فإن العزة جميعا لله سبحانه، ومن عنده، يعز من يشاء، ويذل من يشاء.
(وقد نزل عليكم في الكتب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنفقين والكافرين في جهنم جميعا [140] القراءة: قرأ عاصم ويعقوب (نزل) بالفتح، والباقون (نزل) بضم النون وكسر الزاي.
الحجة: والوجه في القراءتين ما ذكرناه قبل.
الاعراب: إذا قرأت (نزل) بالفتح فأن في موضع نصب، لان تقديره نزل الله ذلك. وإذا قرأت (نزل) فأن في موضع الرفع، وأن هذه هي المخففة من الثقيلة.
النزول: كان المنافقون يجلسون إلى أحبار اليهود، فيسخرون من القرآن، فنهاهم الله تعالى عن ذلك، عن ابن عباس.
المعنى: لما تقدم ذكر المنافقين وموالاتهم الكفار، عقب ذلك بالنهي عن مجالستهم ومخالطتهم، فقال: (وقد نزل عليكم في الكتاب) أي: في القرآن (أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها) أي: يكفر بها المشركون، والمنافقون، ويستهزئون بها (فلا تقعدوا معهم) أي: مع هؤلاء المستهزئين الكافرين (حتى يخوضوا في حديث غيره) أي: حتى يأخذوا في حديث غير الاستهزاء بالدين.
وقيل: حتى يرجعوا إلى الايمان، ويتركوا الكفر والاستهزاء. والمنزل في الكتاب هو قوله سبحانه في سورة الأنعام (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) وفي هذا دلالة على تحريم مجالسة الكفار عند كفرهم بآيات الله، واستهزائهم بها، وعلى إباحة مجالستهم عند خوضهم في حديث غيره.
وروي عن الحسن أن إباحة القعود مع الكفار، عند خوضهم في حديث آخر غير كفرهم، واستهزائهم بالقرآن، منسوخ بقوله تعالى: (فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم