نفسك) عقب ذلك بأن لك مع هذا في دعاء المؤمنين إلى الحق، ما للانسان في شفاعة صاحبه لخير يصل إلى المشفوع له، لئلا يتوهم ان العبد من أجل أنه لا يؤخذ بعمل غيره، لا يتزيد فعله بعمل غيره، عن علي بن عيسى. وقيل: الوجه فيه: إن كل من طلب لغيره خيرا، فوصل إليه حصل له نصيب منه، وأنت قد طلبت لهم الخير، حيث دعوتهم إلى الجهاد، وحرضتهم عليه. قال القاضي: هذا أحسن ما قيل فيه.
(وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شئ حسيبا [86] اللغة: التحية: السلام يقال حيى، يحيي، تحية إذا سلم، قال الشاعر:
إنا محيوك يا سلمى فحيينا * وإن سقيت كرام الناس فاسقينا (1) والتحية: البقا، قال:
من كل ما نال الفتى * قد نلته إلا التحية (2) يعني الملك، وإنما سمي بذلك لان الملك يحيا بالسلام والثناء الحسن.
والحسيب: الحفيظ لكل شئ، حتى لا يشذ منه شئ. والحسيب: الفعيل من الحساب الذي هو الاحصاء. يقال: حاسب فلان فلانا على كذا، وهو حسيبه: إذا كان صاحب حسابه. ومن قال الحسيب: الكافي، فهو من قولهم أحسبني فلان الشئ إحسابا: إذا كفاني. وحسبي كذا: أي كفاني. وقال الزجاج: معنى الحسيب أنه يعطي كل شئ من العلم والحفظ والجزاء مقدار ما يحسبه: أي يكفيه.
ومنه قوله: (عطاء حسابا) أي كافيا.
المعنى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) أمر الله المسلمين برد السلام على المسلم، بأحسن مما سلم، إن كان مؤمنا، وإلا فليقل وعليكم، ولا يزيد على ذلك. فقوله: (بأحسن منها) للمسلمين خاصة. وقوله (أو ردوها) لأهل الكتاب،