محمد صلى الله عليه وآله وسلم (وما أنزل إليه) من القرآن، ويعتقدون ذلك على الحقيقة، كما يظهرونه (ما اتخذوهم) يعني الكافرين (أولياء) عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد. وقيل: المراد بالنبي موسى، وبما أنزل إليه التوراة، فيكون المراد بهم اليهود الذين جاهروا بالعداوة لرسول الله، والتولي للمشركين، ويكون معنى الموالاة: التناصر والمعاونة على محاربة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعاداته. ويجوز أن يكون يريد الموالاة على الحقيقة (ولكن كثيرا منهم فاسقون) وصفهم بالفسق، وإن كان الكفر أبلغ في باب الذم لأمرين أحدهما: إنهم خارجون عن أمر الله، وهذا المعنى لا يظهر بأن يصفهم بالكفر والآخر: إن الفاسق في كفره هو المتمرد فيه، والكلام يدل على أنهم فاسقون في كفرهم أي: خارجون إلى التمرد فيه.
(لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون [82] وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين [83] وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين [84] اللغة: قال الزجاج: القسيس والقس: من رؤساء النصارى، فأما القس في اللغة: فهو النميمة ونشر الحديث، يقال قس فلان الحديث قسا. قال الفراء:
ويجمع القسيس: قساوسة، جمعوه على مهالبة، فكانت قساسسه، فكسرت السينان، فأبدلوا إحداهن واوا. والقسوسة مصدر القس والقسيس، وقد تكلمت العرب بهما، وأنشد المازني:
لو عرضت لأيبلي قس * أشعث في هيكله مندس * حن إليها كحنين الطس (1) *