وهذا قول الكسائي، والفراء، وأنكره الزجاج، وأنشد:
أردت لكيما يعلم الناس أنها * سراويل قيس والوفود شهود (1) قال: ولو كانت اللام بمعنى إن لم تدخل على كي كما لا تدخل إن على كي قال: ومذهب سيبويه وأصحابه ان اللام دخلت هنا على تقدير المصدر: أي لإرادة البيان نحو قوله تعالى (إن كنتم للرؤيا تعبرون): أي إن كانت عبارتكم للرؤيا، وكذلك قوله (والذين هم لربهم يرهبون): أي رهبتهم لربهم، قال كثير:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما * تمثل لي ليلى بكل سبيل والقول الثالث: إن بعض النحويين ضعف هذين الوجهين، بأن جعل اللام بمعنى أن لم تقم به حجة قاطعة، وحمله على المصدر يقتضي جواز ضربت لزيد، بمعنى ضربت زيدا، وهذا لا يجوز، ولكن يجوز في التقديم دون التأخير، نحو لزيد ضربت، وللرؤيا تعبرون، ولأن عمل الفعل في التقديم، يضعف كعمل المصدر في التأخير، ولذلك لم يجز إلا من المتصرف، فأما ردف لكم فعلى تأويل ردف ما ردف لكم، وعلى ذلك ما يريد لكم، وكذلك قوله (وأمرنا لنسلم): أي أمرنا بما أمرنا، لنسلم، وهذه الأقوال كلها مضطربة. والوجه الصحيح فيه: إن مفعول يريد محذوف، تقديره: يريد الله تبصيركم، ليبين لكم.
المعنى: ثم بين تعالى بعد التحليل والتحريم، أنه يريد بذلك مصالحنا ومنافعنا، فقال الله تعالى: (يريد الله) ما يريد (ليبين لكم) أحكام دينكم ودنياكم، وأمور معاشكم ومعادكم، (ويهديكم سنن الذين من قبلكم) فيه قولان أحدهما:
يهديكم إلى طريق الذين كانوا من قبلكم من أهل الحق والباطل، لتكونوا مقتدين بهم، متبعين آثارهم، لما لكم من المصلحة. والآخر: سنن الذين من قبلكم من أهل الحق والباطل، لتكونوا على بصيرة فيما تفعلون وتجتنبون من طرائقهم.
(ويتوب عليكم): أي ويقبل توبتكم، ويقال: يريد التوبة عليكم بالدعاء إليها، والحث عليها، وتيسير السبيل إليها، وفي هذا دلالة على بطلان مذهب المجبرة، لأنه بين تعالى أنه لا يريد إلا الخير والصلاح.
(والله عليم حكيم) مر تفسيره. (والله يريد أن يتوب عليكم): أي يلطف في