الناس بالبخل) ويأمرون غيرهم بذلك. وقيل: يأمرون الأنصار بترك الانفاق على رسول الله، وعلى أصحابه، عن ابن عباس. وقيل: يأمرون بكتمان الحق (ويكتمون ما آتاهم الله من فضله): أي ويجحدون ما آتاهم الله من اليسار والثروة، اعتذارا لهم في البخل. وقيل: معناه يكتمون ما عندهم من العلم، ببعث النبي ومبعثه. والأولى أن تكون الآية عامة في كل من يبخل بأداء ما يجب عليه أداؤه، ويأمرون الناس به، وعامة في كل من كتم فضلا آتاه الله تعالى من العلم وغيره من أنواع النعم التي يجب إظهارها، ويحرم كتمانها. وقد ورد في الحديث: " إذا أنعم الله تعالى على عبد نعمة، أحب أن يرى أثرها عليه " (وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا): أعددنا للجاحدين ما أنعم الله عليهم، عذابا يهانون فيه، ويذلون، فأضاف الإهانة إلى العذاب، إذ كان يحصل به.
(والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا [38] وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما [39] اللغة: القرين: أصله من الاقتران، ومنه القرن لأهل العصر، لاقترانهم.
والقرن: المقاوم في الحرب. والقرين: الصاحب المألوف. وقال عدي بن زيد:
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه * فإن القرين بالمقارن يقتدي الإعراب: اعراب (الذين) يحتمل أن يكون ما قلناه في الآية المتقدمة، ويحتمل أن يكون عطفا على (الكافرين)، فكأنه قال: وأعتدنا للكافرين، وللذين ينفقون أموالهم (رئاء الناس): رئاء: مصدر وضع موضع الحال، فكأنه قال ينفقون مرائين الناس، و (قرينا): نصب على التفسير. ومرضع ذا من (ماذا عليهم):
يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون مرفوعا، لأنه في موضع الذي، وتقديره وما الذي عليهم لو آمنوا. والثاني: أن يكون لا موضع له، لأنه مع ما بمنزلة اسم واحد، وتقديره وأي شئ عليهم لو آمنوا.
المعنى: ثم عطف على ما تقدم بذكر المنافقين فقال: (والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس): أي مراءاة الناس. (ولا يؤمنون): أي ولا يصدقون (بالله