حسدهم له كحسدهم لجميع الناس.
وثانيها: إن المراد بالناس النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله، عن أبي جعفر عليه السلام، والمراد بالفضل فيه النبوة. وفي آله الإمامة. وفي تفسير العياشي بإسناده عن أبي الصباح الكناني، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا الصباح! نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال، ولنا صفو المال، ونحن الراسخون في العلم، ونحن المحسودون الذين قال الله في كتابه: (أم يحسدون الناس) الآية. قال: والمراد بالكتاب: النبوة، وبالحكمة: الفهم والقضاء، وبالملك العظيم: افتراض الطاعة. وثالثها: إن المراد بالناس: محمد وأصحابه، لأنه قد جرى ذكرهم في قوله (هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) ومن فضله من نعمته، عن أبي علي الجبائي. ورابعها: إن المراد بالناس: العرب. أي يحسدون العرب لما صارت النبوة فيهم، عن الحسن، وقتادة، وابن جريج. وقيل: المراد بالكتاب: التوراة، والإنجيل، والزبور، وبالحكمة: ما أوتوا من العلم.
وقوله (وآتيناهم ملكا عظيما): المراد بالملك العظيم: النبوة، عن مجاهد، والحسن. وقيل: المراد بالملك العظيم: ملك سليمان، عن ابن عباس. وقيل: ما أحل لداود وسليمان من النساء، عن السدي. وقيل: الجمع بين سياسة الدنيا وشرع الدين. (فمنهم من آمن به) فيه قولان: أحدهما: إن المراد فمن أهل الكتاب من آمن بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم. (ومنهم من صد عنه) أي أعرض عنه، ولم يؤمن به، عن مجاهد، والزجاج، والجبائي، ووجه اتصال هذا المعنى بالآية أنهم مع هذا الحسد وغيره من أفعالهم القبيحة، فقد آمن بعضهم به والآخر: إن المراد به: فمن أمة إبراهيم من آمن بإبراهيم، ومنهم من أعرض عنه، كما أنكم في أمر محمد، كذلك، وليس ذلك بموهن أمره، كما لم يكن إعراضهم عن إبراهيم موهنا أمر إبراهيم (وكفى بجهنم سعيرا): أي كفى هؤلاء المعرضين عنه في العذاب النازل بهم، عذاب جهنم نارا موقدة إيقادا شديدا، يريد بذلك أنه إن صرف عنهم بعض العذاب في الدنيا، فقد أعد لهم عذاب جهنم في العقبى.
(إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما [56] والذين آمنوا