والأرض) يملك ذلك وحده، لا شريك له يعارضه (وما بينهما) أي: ما بين الصنفين، ودل بذلك على أنه لا ولد له، لان الولد يكون من جنس الوالد، فلا يكون مملوكا له (وإليه المصير) معناه: ويؤول إليه أمر العباد، فلا يملك ضرهم ونفعهم غيره، لأنه يبطل تمليكه لغيره ذلك اليوم، كما يقال صار أمرنا إلى القاضي، وإنما يراد بذلك أنه المتصرف فينا، والامر لنا، لا على معنى قرب المكان.
(يأهل الكتب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير [19] اللغة: الفترة: فعلة من فتر عن عمله يفتر فتورا: إذا سكن فيه، وفترته عنه، والفترة: انقطاع ما بين النبيين عند جميع المفسرين. والأصل فيها الانقطاع عما كان الامر عليه من الجد في العمل. وفتر الماء إذا انقطع عما كان عليه من البرد إلى السخونة. وامرأة فاترة الطرف أي: منقطعة عن حدة النظر.
الاعراب: موضع (أن تقولوا) نصب عند البصريين، وتقديره كراهة أن تقولوا، فحذف المضاف الذي هو مفعول له، وأقيم المضاف إليه مقامه. وقال الكسائي، والفراء: تقديره لئلا تقولوا. ومن في قوله (من بشير): مزيدة، وفائدتها نفي الجنس، وموضع الجار والمجرور رفع تقديره ما جاءنا بشير ولا نذير.
المعنى: ثم عاد سبحانه إلى خطاب أهل الكتاب، وحجاجهم، واستعطافهم، وإلزامهم الحجة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا) يعني محمدا صلى الله عليه وآله وسلم (يبين لكم) أي: يوضح لكم أعلام الدين، وفيه دلالة على أنه سبحانه اختصه من العلم بما ليس مع غيره (على فترة من الرسل) أي على انقطاع من الرسل، ودروس من الدين والكتب، وفيه دلالة على أن زمان الفترة لم يكن فيه نبي، وكان الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت النبوة متصلة قبل ذلك في بني إسرائيل.
وروي عن ابن عباس أنه لم يكن بينهما إلا أربعة من الرسل، واختلفوا في مدة