عليه القطع، إذا سرق من حرز، إلا ما روي عن داود، أنه قال: " يقطع السارق وإن سرق من غير حرز " والحرز في كل شئ إنما يعتبر فيه حرز مثله في العادة، وحده عندنا كل موضع لم يكن لغير مالكه الدخول إليه، والتصرف فيه إلا بإذنه (جزاء بما كسبا) أي: افعلوا ذلك بهما مجازاة بكسبهما وفعلهما (نكالا من الله) أي: عقوبة على ما فعلاه قال زهير:
ولولا أن ينال أبا طريف عذاب من خزيمة أو نكال أي: عقوبة (1). (فمن تاب من بعد ظلمه) أي: أقلع وندم على ما كان منه من فعل الظلم بالسرقة (وأصلح) أي: وفعل الفعل الصالح الجميل (فإن الله يتوب عليه) أي: يقبل توبته بإسقاط العقاب بها عن المعصية التي تاب منها، ووصف الله بأنه يتوب على التائب فيه فائدة عظيمة، وهي أن في ذلك ترغيبا للعاصي في فعل التوبة، ولذلك وصف نفسه تعالى بالتواب الرحيم، ووصف العبد بأنه تواب، ومعناه أواب، وهو من صفات المدح (إن الله غفور رحيم): فيه دلالة على أن قبول التوبة تفضل من الله. (ألم تعلم) قيل: هو خطاب للنبي، والمراد به أمته، كقوله (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) وقيل: هو خطاب للمكلفين، وتقديره: ألم تعلم يا انسان، وإنما يتصل هذا الخطاب بما قبله اتصال الحجاج والبيان عن صحة ما تقدم من الوعد والوعيد، والاحكام، ومعناه: ألم تعلم يا انسان (أن الله له ملك السماوات والأرض) أي: له التصرف فيهما بلا دافع، ولا منازع. (يعذب من يشاء) إذا كان مستحقا للعقاب، (ويغفر لمن يشاء) إذا عصاه، ولم يتب، لأنه إذا تاب فقد وعده تعالى بأنه لا يؤاخذه بذلك بعد التوبة، وعند أهل الوعيد: يقبح منه أن يؤاخذه بعد التوبة. فعلى الوجهين مما لا تعلق لذلك بالمشيئة (والله على كل شئ قدير) مر معناه.
(يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسرعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سمعون للكذب سمعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون