بأس عليك، ولا خوف عليك. وثالثها: إن معناه لا حقيقة لعلمنا إذ كنا نعلم جوابهم، وما كان من أفعالهم وقت حياتنا، ولا نعلم ما كان منهم بعد وفاتنا، وإنما الثواب والجزاء يستحقان بما يقع به الخاتمة مما يموتون عليه، عن ابن الأنباري.
ورابعها: إن المراد لا علم لنا إلا ما علمتنا فحذف لدلالة الكلام عليه، عن ابن عباس، في رواية أخرى. وخامسها: إن المراد به: تحقيق فضيحتهم أي: أنت أعلم بحالهم منا، ولا تحتاج في ذلك إلى شهادتنا.
(إنك أنت علام الغيوب) إنما قال (علام) للمبالغة، لا للتكثير. وقيل:
أراد به تكثير المعلوم والمراد: أنت تعلم ما غاب وما بطن، ونحن إنما نعلم ما نشاهد، وفي هذه الآية دلالة على إثبات المعاد، والحشر. والنشر.
وذكر الحاكم أبو سعيد في تفسيره أنها تدل على بطلان قول الإمامية: إن الأئمة يعلمون الغيب، وأقول: إن هذا القول ظلم منه لهؤلاء القوم، فإنا لا نعلم أحدا منهم، بل أحدا من أهل الاسلام، يصف أحدا من الناس بعلم الغيب، ومن وصف مخلوقا بذلك فقد فارق الدين، والشيعة الامامية براء من هذا القول، فمن نسبهم إلى ذلك، فالله فيما بينه وبينهم!
(إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتب والحكمة والتورية والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين [110] القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم (ساحر مبين) بالألف، وكذلك في سورة يونس، وهود، والصف. وقرأ ابن كثير، وعاصم، في سورة يونس: (لساحر مبين) بالألف فقط. وأهل المدينة، والبصرة، والشام: (سحر مبين) بغير الألف.