ويغرموا، فربما لا يحلفون كاذبين، ويتحفظون في الشهادة مخافة رد اليمين والشهادة إلى المستحق عليهم. (واتقوا الله) أن تحلفوا أيمانا كاذبة، أو تخونوا أمانة (واسمعوا) الموعظة (والله لا يهدي القوم الفاسقين) إلى ثوابه وجنته.
(يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب [109] الاعراب: (يوم) ينتصب على تقدير واتقوا يوم يجمع ويتصل بقوله (واتقوا الله واسمعوا) عن الزجاج. وقيل: إنه يتعلق بقوله (لا يهدي القوم الفاسقين يوم يجمع الله الرسل) عن المغربي. وقيل: انه يتعلق بمحذوف على تقدير احذروا، أو اذكروا ذلك اليوم.
المعنى: (يوم يجمع الله الرسل) هو كقوله: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) وإنما انتصب (يوم) على أنه مفعول به، ولم ينتصب على الظرف، لأنهم لم يؤمروا بالتقوى في ذلك اليوم. والمعنى: اتقوا عقاب يوم يجمع الله فيه الرسل، لان اليوم لا يتقى ولا يحذر، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه (فيقول) لهم: (ماذا أجبتم) أي: ما الذي أجابكم قومكم فيما دعوتموهم إليه، وهذا تقرير في صورة الاستفهام على وجه التوبيخ للمنافقين عند إظهار فضيحتهم على رؤوس الإشهاد.
(قالوا لا علم لنا) قيل فيه أقوال أحدها: إن للقيامة أهوالا حتى تزول القلوب من مواضعها، فإذا رجعت القلوب إلى مواضعها، شهدوا لمن صدقهم على من كذبهم، يريد أنه عزبت عنهم أفهامهم من هول يوم القيامة، فقالوا: لا علم لنا، عن عطاء، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، والسدي، والكلبي، وهو اختيار الفراء. وثانيها: إن المراد لا علم لنا كعلمك، لأنك تعلم باطنهم، وإنا لا نعلم غيبهم وباطنهم، وذلك هو الذي يقع عليه الجزاء، عن الحسن في رواية أخرى، واختاره الجبائي، وأنكر القول الأول، وقال: كيف يجوز ذهولهم من هول يوم القيامة، مع قوله: (لا يحزنهم الفزع الأكبر)، وقوله: (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)؟ ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن الفزع الأكبر دخول النار وقوله (لا خوف عليهم) إنما هو كالبشارة بالنجاة من أهوال ذلك اليوم، مثل ما يقال للمريض: لا