يجحده، أو يشبهه بخلقه، أو يرد أمره ونهيه (وملائكته) أي: ينفيهم، أو ينزلهم منزلة لا يليق بهم، كما قالوا إنهم بنات الله. (وكتبه) فيجحدها، (ورسله) فينكرهم، (واليوم الآخر) أي: يوم القيامة. (فقد ضل ضلالا بعيدا) أي: ذهب عن الحق، وبعد قصد السبيل ذهابا بعيدا.
وقال الحسن: " الضلال البعيد: هو ما لا ائتلاف له "، والمعنى: إن من كفر بمحمد، وجحد نبوته، فكأنه جحد جميع ذلك، لأنه لا يصح إيمان أحد من الخلق بشئ مما أمر الله به إلا بالايمان به، وبما أنزل الله عليه.
وفي هذا تهديد لأهل الكتاب، وإعلام لهم أن إقرارهم بالله، ووحدانيته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، لا ينفعهم مع جحدهم نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويكون وجوده وعدمه سواء.
النظم: وجه اتصال هذه الآية بما قبلها: إن الله سبحانه لما بين الاسلام، عقبه بالدعاء إلى الايمان وشرائطه. وقيل: إنها تتصل بقوله (كونوا قوامين بالقسط) والقيام بالقسط: هو الايمان على الوجه المذكور.
(إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا [137] بشر المنفقين بأن لهم عذابا أليما [138] الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا [139] اللغة: أصل البشارة: الخبر السار الذي يظهر به السرور في بشرة الوجه، ثم يستعمل في الخبر الذي يغم أيضا. وضع إخبارهم بالعذاب موضع البشارة لهم، والعرب تقول: تحيتك الضرب، وعتابك السيف: أي تضع الضرب موضع التحية، والسيف موضع العتاب. قال الشاعر:
وخيل قد دلفت لهم بخيل * تحية بينهم ضرب وجيع (1)