الايمان، كما أن الطاعة لا تنفع مع الكفر ".
وثانيها: إن المراد به مشركو قريش، وأهل الكتاب، عن الحسن، والضحاك، وابن زيد، قالوا: وهو كقوله (وهل نجازي إلا الكفور) وثالثها: إن المراد بالسوء هنا: الشرك، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير. (ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا) معناه: ولا يجد هذا الذي يعمل سوءا من معاصي الله، وخلاف أمره، وليا يلي أمره ينصره، ويحامي عنه، ويدفع عنه ما ينزل به من عقوبة الله، ولا نصيرا أي: ناصرا ينصره وينجيه من عذاب الله.
ومن استدل بهذه الآية على المنع من جواز العفو عن المعاصي، فإنا نقول له:
إن من ذهب إلى أن العموم لا ينفرد في اللغة بصيغة مختصة به، لا يسلم أنها تستغرق جميع من فعل السوء، بل يجوز أن يكون المراد بها بعضهم على ما ذكره أهل التأويل، كابن عباس وغيره. على أنهم قد اتفقوا على أن الآية مخصوصة، فإن التائب ومن كانت معصيته صغيرة، لا يتناوله العموم، فإذا جاز لهم أن يخصصوا العموم في الآية بالفريقين، جاز لنا أن نخصها بمن يتفضل الله عليه بالعفو، وهذا بين والحمد لله.
وقوله سبحانه: (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) وإنما قال: (وهو مؤمن)، ليبين أن الطاعة لا تنفع من دون الايمان. (فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) وعد الله تعالى بهذه الآية جميع المكلفين من الرجال والنساء، إذا عملوا الأعمال الصالحة أي: الطاعات الخالصة، وهم مؤمنون، موحدون، مصدقون نبيه، بأن يدخلهم الجنة، ويثبتهم فيها، ولا يبخسهم شيئا مما يستحقونه من الثواب، وإن كان مقدار نقير في الصغر. وقد قابل سبحانه الوعيد العام في الآية التي قبل هذه الآية بالوعد العام في هذه الآية، ليقف المؤمن بين الخوف والرجاء.
(ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا [125] ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شئ محيطا [126]