العذاب، أو الفضيحة، أو الهلاك، شيئا (أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم) معناه: أولئك اليهود لم يرد الله أن يطهر من عقوبات الكفر التي هي الختم والطبع والضيق قلوبهم، كما طهر قلوب المؤمنين منها، بأن كتب في قلوبهم الايمان، وشرح صدورهم للاسلام، عن الجبائي، والحسن.
وقيل: معناه لم يرد الله أن يطهرها من الكفر بالحكم عليها، أنها بريئة منه، ممدوحة بالايمان، عن البلخي. قال القاضي: وهذا لا يدل على أنه سبحانه لم يرد منهم الايمان، لان ذلك لا يعقل من تطهير القلب إلا على جهة التوسع، ولان قوله:
لم يرد الله أن يطهر قلوبهم، يقتضي نفي كونه مريدا، وليس فيه بيان الوجه الذي لم يرد ذلك عليه. والمراد بذلك أنه لم يرد تطهير قلوبهم مما يلحقها من الغموم بالذم والاستخفاف والعقاب. ولذلك قال عقيبه: (لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم). ولو كان أراد ما قاله المجبرة، لم يجعل ذلك ذما لهم، ولا عقبه بالذم، ولا جعله في حكم الجزاء على ما لأجله عاقبهم، وأراد ذلك منهم، والخزي الذي لهم في الدنيا، هو ما لحقهم من الذل والصغار والفضيحة، بإلزام الجزية، وإظهار كذبهم في كتمان الرجم، وإجلاء بني النضير من ديارهم، وخزي المنافقين باطلاع النبي على كفرهم.
(سمعون للكذب آكلون للسحت فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين [42] وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين [43] القراءة: (السحت): بضم السين والحاء مكي بصري، والكسائي وأبو جعفر، وقرأ الباقون: (السحت) بإسكان الحاء.
الحجة: قال أبو علي: السحت والسحت لغتان، ويستمر التخفيف والتثقيل في هذا النحو، وهما اسم الشئ المسحوت، كما أوقع الضرب على المضروب في