وقيل: كذلك كنتم أذلاء وآحادا، إذا سار الرجل منكم وحده، خاف أن يختطف عن المغربي.
(فمن الله عليكم): فيه قولان أحدهما: فمن الله عليكم بإظهار دينه، وإعزاز أهله، حتى أظهرتم الاسلام بعد ما كنتم تكتمونه من أهل الشرك، عن سعيد بن جبير. وقيل: معناه فتاب الله عليكم (فتبينوا) أعاد هذا اللفظ للتأكيد، بعد ما طال الكلام. وقيل: الأول معناه تبينوا حاله، والثاني: معناه تبينوا هذه الفوائد بضمائركم، واعرفوها وابتغوها (إن الله كان): أي لم يزل، (بما تعملون): أي بما تعملونه (خبيرا) عليما قبل أن تعملوه.
(لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما [95] درجت منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما [96] القراءة: قرأ أهل المدينة، والشام، والكسائي، وخلف: (غير أولي الضرر) بنصب الراء، والباقون بالرفع.
الحجة: فالرفع على أن يجعل غير صفة للقاعدين عند سيبويه، وكذلك قال في (غير المغضوب) عليهم أنه صفة للذين (أنعمت عليهم) ومنه قول لبيد:
وإذا جوزيت قرضا فاجزه * إنما يجزي الفتى غير الجمل (1) فغير صفة للفتى، فعلى هذا يكون التقدير: لا يستوي القاعدون الأصحاء والمجاهدون، والنصب على الاستثناء من القاعدين، ويستوي فعل يقتضي فاعلين فصاعدا، فالتقدير لا يستوي القاعدون إلا أولي الضرر، والمجاهدون.
قال الزجاج: ويجوز أن يكون منصوبا على الحال، فيكون المعنى: لا يستوي القاعدون في حال صحتهم والمجاهدون، كما تقول جاءني زيد غير مريض، أي صحيحا. ويجوز في غير الجر على أن يكون صفة للمؤمنين، في غير القراءة.