(يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم) قيل فيه قولان أحدهما: إن معناه: احذروا عدوكم بأخذ السلاح، كما يقال للانسان خذ حذرك: أي احذر. والثاني: إن معناه: خذوا أسلحتكم، سمى الأسلحة حذرا، لأنها الآلة التي بها يتقى الحذر، وهو المروي عن أبي جعفر، وغيره. وأقول: إن هذا القول أصح لأنه أوفق بمقايس كلام العرب، ويكون من باب حذف المضاف، وتقديره خذوا آلات حذركم، وأهب حذركم، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، فصار خذوا حذركم (فانفروا) إلى قتال عدوكم: أي اخرجوا إلى الجهاد (ثبات): أي جماعات في تفرقة، ومعناه: أخرجوا فرقة بعد فرقة، فرقة في جهة، وفرقة أخرى في جهة أخرى. (أو انفروا جميعا): أي مجتمعين في جهة واحدة (1)، إذا أوجب الرأي ذلك. وروي عن أبي جعفر عليه السلام أن المراد بالثبات: السرايا، وبالجميع:
العسكر.
(وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا [72] ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما [73] القراءة: قرأ أهل الكوفة، غير حفص، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، غير هشام (كأن لم يكن) بالياء. والباقون (كأن لم تكن) بالتاء. وروي في الشواذ بالياء عن الحسن (ليقولن) بضم اللام. وروي عن يزيد النحوي، والحسن:
(فأفوز) بالرفع.
الحجة: من قرأ بالياء فلان التأنيث غير حقيقي، وحسن التذكير للفصل الواقع بين الفاعل والفعل، ومثل التذكير: (وأخذ الذين ظلموا الصيحة) (فمن جاءه موعظة من ربه) وفي موضع آخر: (قد جاءتكم موعظة من ربكم) فكلا الامرين قد جاء التنزيل به. ومن قرأ (ليقولن) بالضم فإنه أعاد الضمير إلى معنى (من) مثل قوله (ومنهم من يستمعون إليك) فإن قوله: (لمن ليبطئن) لا يعني به رجل واحد، وإنما معناه أن هناك جماعة هذه صفتهم. وأما من قرأ (فأفوز) فإنه على أن يتمنى