عليه، وهو اختيار الزجاج، والبلخي، وأبي علي الجبائي. وثالثها: إن التبديل إنما هو للسرابيل التي ذكرها الله تعالى (سرابيلهم من قطران) وسميت السرابيل الجلود على سبيل المجاورة، للزومها الجلود. وهذا ترك للظاهر بغير دليل. وعلى القولين الأخيرين: لا يلزم سؤال التعذيب لغير العاصي. فأما من قال: إن الانسان غير هذه الجملة المشاهدة، وإنه المعذب في الحقيقة، فقد تخلص من هذا السؤال.
وقوله (ليذوقوا العذاب) معناه: ليجدوا ألم العذاب. وإنما قال ذلك ليبين أنهم كالمبتدأ عليهم العذاب في كل حالة فيحسون في كل حالة ألما، لكن لا كمن يستمر به الشئ، فإنه يصير أخف عليه (إن الله كان عزيزا): أي لم يزل منيعا لا يدافع، ولا يمانع. وقيل: معناه أنه قادر لا يمتنع عليه إنجاز ما توعد به، أو وعده (حكيما) في تدبيره وتقديره، وفي تعذيب من يعذبه. وروى الكلبي عن الحسن قال: " بلغنا أن جلودهم تنضج كل يوم سبعين ألف مرة ".
(والذين آمنوا) بكل ما يجب الايمان به (وعملوا الصالحات): أي الطاعات الصالحة الخالصة، (سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار): أي من تحت أشجارها وقصورها الأنهار: أي ماء الأنهار. (خالدين فيها): أي دائمين فيها (أبدا لهم فيها أزواج مطهرة) طهرن من الحيض والنفاس، ومن جميع المعائب، والأدناس، والاخلاق الدنية، والطبائع الردية، لا يفعلن ما يوحش أزواجهن، ولا يوجد فيهن ما ينفر عنهن (وندخلهم) في ذلك (ظلا ظليلا): أي كنينا ليس فيه حر ولا برد، بخلاف ظل الدنيا. وقيل: ظلا دائما لا تنسخه الشمس كما في الدنيا.
وقيل: ظلا متمكنا قويا، كما يقال يوم أيوم، وليل أليل، وداهية دهياء، يصفون الشئ بمثل لفظه، إذا أرادوا المبالغة.
(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا [58] القراءة: قد ذكرنا الاختلاف بين القراء في (نعما) ووجوه قراءتهم، وحججها، في سورة البقرة.
اللغة: يقال: أديت الشئ تأدية، وقد يوضع الأداء موضع التأدية، فيقام الاسم مقام المصدر، والسميع: هو من كان على صفة يجب لأجلها أن يسمع المسموعات