وألقيه في المعصية. (ولآمرنهم فليبتكن آذان الانعام) تقديره: ولآمرنهم بتبتيك آذان الانعام، فليبتكن أي: ليشققن آذانهم، عن الزجاج. وقيل: ليقطعن الآذان من أصلها، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام، وهذا شئ قد كان مشركو العرب يفعلونه، يجدعون آذان الانعام. ويقال: كانوا يفعلونه بالبحيرة، والسائبة، وسنذكر ذلك في سورة المائدة، إن شاء الله.
(ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) أي: لآمرنهم بتغيير خلق الله، فليغيرنه.
واختلف في معناه فقيل: يريد دين الله وأمره، عن ابن عباس، وإبراهيم، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وجماعة، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام. ويؤيده قوله سبحانه وتعالى: (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)، وأراد بذلك تحريم الحلال، وتحليل الحرام. وقيل: أراد معنى الخصاء، عن عكرمة، وشهر بن حوشب، وأبي صالح، عن ابن عباس. وكرهوا الاخصاء في البهائم.
وقيل: إنه الوشم، عن ابن مسعود، وقيل: إنه أراد الشمس، والقمر، والحجارة، عدلوا عن الانتفاع بها إلى عبادتها، عن الزجاج. (ومن يتخذ الشيطان وليا) أي:
ناصرا. وقيل: ربا يطيعه (من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا) أي: ظاهرا.
وأي خسران أعظم من استبدال الجنة بالنار، وأي صفقة أخسر من استبدال رضاء الشيطان برضاء الرحمن؟ (يعدهم) الشيطان أن يكون لهم ناصرا، (ويمنيهم) الأكاذيب والأباطيل. وقيل: معناه يعدهم الفقر إن أنفقوا مالهم في أبواب البر، ويمنيهم طول البقاء في الدنيا، ودوام النعيم فيها، ليؤثروها على الآخرة.
(وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) أي: لا يكون لما يعدهم ويمنيهم أصل وحقيقة.
والغرور: إيهام النفع فيما فيه ضرر. (أولئك) إشارة إلى الذين اتخذوا الشيطان وليا من دون الله، فاغتروا بغروره، وتابعوه فيما دعاهم إليه. (مأواهم): مستقرهم جميعا، (جهنم ولا يجدون عنها محيصا) أي: مخلصا، ولا مهربا، ولا معدلا.
(والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنت تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا [122]